اللحن في الكلام و الخطابة لا يسلم منه احد
اعداد الشيخ السيد مراد سلامة
اعلم ان اللحن في الكلام و الخطابة لا يسلم منه احد الا من رحم ربك فقد سبقنا في اللحن فحول اهل العلم و اللغة و انا أرى ان ذلك ليس منقصة في العالم و الداعية و اليك بيان من كان يحن من كبار العلماء ، وخاصة ان كان يسيرا في كلامه فللكلام اثر و تأثير
فمنه حكاية القُبيسية المشهورة عن أبي حنيفة،
#روي عن أبي حنيفة في الحكاية القُبيسية وهي قوله: لو أن رجلاً ضرب رجلاً بحجر عظيم فقتله، كان على العاقلة ديته، ولو ضربه بأبا قبيس كان على العاقلة.
***
#وذكر المبرد في كتاب (اللُّحَنة) عن محمد بن القاسم عن الأصمعي قال: دخلت المدينة على مالك بن أنس فما هِبتُ أحداً هيبتي له، فتكلَّم فلحن فقال: مُطرنا البارحة مطراً أيّ مطراً! فخفَّ في عيني، فلما راجعه الأصمعيُّ قال: فكيف لو رأيت ربيعة كنا نقول له: كيف أصبحت؟ فيقول: بخيراً بخيراً.
#وحكي أن مالكاً حضر عند أبي جعفر المنصور أو الرشيد وعنده علوي عليه بُرد من حرير, فلحن مالك في شيء من كلامه.
فقال العلوي: أما كان لوالدي هذا درهمان يدفعانه بـهما إلى معلِّم يصلح لسانه؟
فقال مالك: أما كان لوالدي هذا درهم يدفعانه إلى فقيه يعرّفه ما يحل له ويحرم عليه.؟
===========
#وقد ذكر أبو القاسم الزجاجي في (مجالس العلماء) أن أبا يوسف القاضي اجتمع بالكسائي عند الرشيد، فقال الكسائي: ما تقول في رجل قال لامرأته: أنت طالق أنْ دخلت الدار؟
فقال أبو يوسف: إن دخلت طلقت.
فقال الكسائي: خطأ، إذا فتحت (أنْ) فقد وجب الأمر، وإذا كسرت فإنه لم يقع بعد..قال: فنظر أبو يوسف بعدُ في النحو.
#وذكر أبو حيان الأندلسي في (تذكرة النحاة) أن أبا يوسف القاضي كان يذم النحو ويقول: وما النحو؟! فاجتمع الكسائي معه عند الرشيد، فقال الكسائي: ما تقول في رجل قال لرجل: أنا قاتلُ غلامِك، وقال آخر: أنا قاتلٌ غلامَك، أيهما كنت تأخذ.؟
فقال: آخذهما جميعاً، فخطّأه الكسائي، فقال أبو يوسف: كيف ذلك.؟
قال: الذي يؤخذ بقتل الغلام هو الذي قال: أنا قاتلُ غلامِك بالإضافة؛ لأنه فعل ماض، وأما الذي قال: أنا قاتلٌ غلامَك بالنصب، فلا يؤخذ لأنه مستقبل لم يكن بعد، كما قال تعالى: ﴿ وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ ﴾ ولولا أن المنون مستقبل ما جاز فيه غداً.
قال: فكان أبو يوسف بعد ذلك يمدح النحو.
**
ولسنا ندفع وقوع اللحن من بعض العلماء كالذي يروى عن أبي عبيدة معمر بن المثنى وأبي الخطاب الطبيب وغيرهما وهو كثير في الرواة، ومن طرائف الأخبار ما حُكي عن أبي شيبة والد أبي بكر وعثمان وكان على قضاء واسط، فجاءَتْهُ ظريفة فقالت: عليَّ كفارة يمين فبأي شئ أُكَفِّر؟ فقال: بخبزاً بدقيقٍ بسويقٍ بتمراً! فقالت: ترك الكفارة والله أهون من استماع هذا اللحن.!
**
#وقد كان من العلماء من يدري النحو صناعةً ولا يقيمه إعراباً في كلامه، كالذي ذكره الحافظ ابن كثير عن العلامة صدر الدين ابن المرحل، أنه كان يحفظ (المفصل في النحو) للزمخشري، وكان مع ذلك يلحن.!
و
***
#دخل الفضل بن العباس على كافور الأخشيد، فدعا له بقوله: (أدام الله أيامِ سيدنا) بخفض الأيام! فتبسَّمَ كافور
#وكان هشيم يلحن في روايته
وقد ذكر القاضي أبو الفرج المعافى الجريري في (نوادره) أن النضر بن شُميل حضر عند المأمون فجرى ذكر النساء فحدّث المأمون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تزوج الرجلُ المرأةَ لدينها وجمالها كان فيها سَداد من عَوز) فأورده بفتح السين.!
قال: فقلت: صدق يا أمير المؤمنين هشيم؛ حدثنا عوف بن أبي جميلة عن الحسن عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا تزوج الرجلُ المرأةَ لدينها وجمالها كان فيها سِداد من عَوز) فأورده بالكسر.
قال: وكان المأمون مُتَّكئاً فاستوى جالساً، وقال: يا نضر، كيف قلت: سِداد؟ قلت: نعم، لأن السَّداد ههنا لحن.
قال: أو تُلحّنني! قلت: إنما لحن هشيم وكان لحاناً، فتبع أميرُ المؤمنين لفظَه.!
قال: فما الفرق بينهما؟
قال فقلت: السَّداد بالفتح: القصد في الدين والسبيل، والسِّداد بالكسر: البُلغة، وكل ما سددت به شيئاً فهو سِداد.
قال: أو تعرف العرب ذلك.؟
قلت: نعم، هذا العَرْجي يقول:
أضاعوني وأيَّ فتىً أضاعوا
ليوم كريهة وسِداد ثغرِ
كأنِّي لم أكُنْ فيهمْ وسيطًا
ولم تكُ نسبتي في آل عَمْرِ
فقال المأمون: قبّح الله من لا أدبَ له.
=======
قال الفرّاء: سمعتُ الكسائيَّ يقول: (ربما سبقني لساني باللحن فلا يُـمكنني أن أردَّه).
وفي حكاية الكسائي مع الرشيد أنه قرأ وهو يؤمه: (لعلهم ترجعين).!
فقال الرشيد بعد فراغه من الصلاة وقد تـهيَّب أن يفتح عليه: أهي قراءة.؟
فقال الكسائي: لا، ولكن الجواد قد يعثر.
فقال: أما هذا فنعم.
و بعد فانا لا ادافع عن اللحن و اقره و لكن قد يقع سهوا من الخطيب و الداعية و خاصة اذا كان من اهل العلم و الفضل
تعليقات
إرسال تعليق