رسالة إلى أهل الفسفسة

=====================
المرسل الشيخ / السيد مراد سلامة
بعض الشباب لم يأخذ دينه إلا من الفيس بوك والكتب المضروبة لم يتعلم في الأزهر ولا في جامعته لا يحسن الوضوء وتجده بسم الله ما شاء الله يطعن في البخاري ومسلم وفي السنة ويرد الصحيح و يماري في الحق الأبلج و يدافع عن الباطل وأهله
أقول لهم:
هل رأيت مهندسا يقوم بعملية جراحية؟
أم هل رأيت نجارا يقوم بقيادة طائرة؟
أم هل رأيت فلاحا يتكلم في علم الذرة؟
الجواب: لا
وإذا حدث تقوم الدنيا ولا تقعد
أما إذا رأيت فنانا أو سباكا أو عربجي – مع احترامي لأصحاب هذه المهن-يتكلم في الدين شيء عادي لماذا هان علينا ديننا؟
فاذا قلت ذلك
قال: الدين ليس حكرا على الشيوخ
وكأن الشيوخ لم يدرسوا الفقه والتفسير والحديث وعلوم القران والسنة والسيرة وأصول الفقه والمذاهب الفكرية والاستشراق أكثر من سبعة عشرة سنة
ويأتي من لم يعرف من الدين إلا اسمه يفتي في الشرع والدين ويقول الدين مش حكر على المشايخ
رسالة إلى هؤلاء: اسمعوا:
يقول الله تعالى:﴿ وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ﴾.
وقال تعالى:﴿ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾.
قال الله تعالى:﴿ كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنزلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «ما أبردها على الكبد، ما أبردها على الكبد» فقيل له : وما ذاك ؟ قال : « أن تقول للشيء لا تعلمه : الله أعلم [جامع بيان العلم وفضله 2/836.]»
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " يا أيها الناس من عَلِمَ شيئا فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: اللّه أعلم؛ فإن من العلم أن يقول لما لا يعلم اللّه أعلم [رواه البخاري برقم 4809و 4822.]".
وعن عقبة بن مسلم قال : صحبت ابن عمر أربعة وثلاثين شهرا فكثيرا ما كان يسأل فيقول : « لا أدري » ثم يلتفت إلي فيقول : « تدري ما يريد هؤلاء ؟ يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسرا لهم إلى جهنم [جامع بيان العلم وفضله 2/841.برقم 1585.]».
وقال الإمام مالك: " ينبغي للعالم أن يألف فيما أشكل عليه قول: لا أدري؛ فإنه عسى أن يهيأ له خير[- جامع بيان العلم وفضله 2 / 839 ، برقم 1574 .]"
وعن زيد بن حباب قال : رأيت سفيان إذا سئل عن المسائل قال : « لا أدري حتى يظن من رأى سفيان ولا يعرفه أنه لا يحسن من العلم شيئا مسند ابن الجعد 277.]».
وَقَالَ الْقَعْنَبِيُّ : دَخَلْت عَلَى مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ، فَسَلَّمْت عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَلَسْت ، فَرَأَيْتُهُ يَبْكِي ، فَقُلْت لَهُ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، مَا الَّذِي يُبْكِيك ؟ فَقَالَ لِي : يَا ابْنَ قَعْنَبٍ ، وَمَالِي لَا أَبْكِي ؟ وَمَنْ أَحَقُّ بِالْبُكَاءِ مِنِّي ؟
وَاَللَّهِ لَوَدِدْت أَنِّي ضُرِبْت بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ أَفْتَيْت فِيهَا بِالرَّأْيِ سَوْطًا ، وَقَدْ كَانَتْ لِي السَّعَةُ فِيمَا قَدْ سُبِقْت إلَيْهِ[رواه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله والحميدي في جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس 2/552]»
وحاشا الإمام مالك أن يفتي برأيه ,ولكنه الورع والتقوى وتعظيم حرمات الله والخوف من الوقوع في الخطأ.
فالمفتي بغير دليل شرعي يقع في مخاطر عظيمة دلت عليها دلة عامة وخاصة منها :
1) أنه يُشَاقِقِ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ :قال الله تعالى:)وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (النساء:115.
2) أنه محدث في الدين ما ليس منه:لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ [رواه البخاري 2697ومسلم 1718.]".
3) أنه من الذين يسنون في الإسلام سنة سيئة:قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ :"مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ [خرجه مسلم في العلم، باب من سن سنة حسنة أو سيئة، برقم (2674).]".
4) أنه سيحمل وزره وأوزار الذين يعملون بفتواه :قال الله تعالى :)لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ([ النحل : 25 ] قال الإمام الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان :المراد بذلك أنهم حملوا أوزار ضلالهم في أنفسهم ، وأوزار إضلالهم غيرهم .اهـ .
5) أنه من الذين رغبوا عن سنة رسول اللهr:لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:« ومن رغب عن سنتي فليس مني [رواه أحمد5/409(23870) وقال الهيثمي في المجمع رحاله رجال الصحيح وصححه شعيب]».
قال الحافظ في فتح الباري: الْمُرَاد بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَة لَا الَّتِي تُقَابِل الْفَرْض ، وَالرَّغْبَة عَنْ الشَّيْء الْإِعْرَاض عَنْهُ إِلَى غَيْره ، وَالْمُرَاد مَنْ تَرَكَ طَرِيقَتِي وَأَخَذَ بِطَرِيقَةِ غَيْرِي فَلَيْسَ مِنِّي .اهـ
6) أنه من الذين يكذبون على الله وعلى رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:قال الله تعالى:)وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآَيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ( الأنعام:21. وقال الله تعالى :)وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ(هود:18.
7) أنه جاهل:لحديث جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ [رواه أبو داود وابن ماجة وأحمد]".
قال الإمام النووي في كتابه(آداب الفتوى والمفتي والمستفي ):اعلم أن الإفتاء عظيم الخطر، كبير الموقع، كثير الفضل، لأن المفتي وارث الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم - وقائم بفرض الكفاية ولكنه معرض للخطأ ; ولهذا قالوا: المفتي موقع عن الله تعالى وروينا
عن ابن المُنكدر قال: "العالم بين الله تعالى وخلقه، فلينظر كيف يدخل بينهم".وروينا عن السلف وفضلاء الخلف من التوقف عن الفتيا أشياء كثيرة معروفة...وروينا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "أدركتُ عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يُسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول". وفي رواية: "ما منهم من يحدث بحديث، إلا وَدَّ أن أخاه كفاه إياه، ولا يستفتى عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه الفتيا".اهـ المراد باختصار يسير.
هذا الكلام الذي سبق ذكره موجه إلى العلماء المجتهدين
فيكف بمن لا يعرف سنن الوضوء ولا يعرف الصحيح من الضعيف.
واختم الرسالة بالحجة بيني وبين هؤلاء بقول رب الأرض والسماء {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44]
المرسل
الشيخ السيد مراد سلامة
مام وخطيب و مدرس بوزارة الأوقاف المصرية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf