خطبة الثمار العشر للعمل و الكسب الحلال.pdf


الثمار العشر للعمل والكسب الحلال

الشيخ السيد مراد سلامة

الخطبة الأولى

الحمد لله الذي أعزنا بالدين، وجعلنا خير أمة أخرجت للعالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي المؤمنين، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله سيد الأولين والآخرين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ أما بعد:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

ثم أما بعد فيا أيها إخوة الأحباب: حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر عن الثمار العشر للعمل و الكسب الحلال ، هلا سألت نفسك و أنت خارج إلى عملك لماذا أنا أعمل و أكد كل يوم ؟

هلا سألت نفسك ما هي الفوائد التي تعود علي وعلى من حولي من عملي وكسبي؟

سنحاول في هذا اللقاء أن أضع بين أيديكم عشرة ثمار للعمل والكسب فأعيروني القلوب والأسماع .....................

أولا امتثالا لأمر الله تعالى:

 اعلموا عباد : أن أول ثما العمل و الكسب الحلال أن يمتثل العامل أمر الله تعالى  حيث أمرنا ربنا بالعمل  و حثنا على ذلك فقال سبحانه فقال سبحانه وتعالى) هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك : 15] (.

 يقول ابن كثير رحمه الله: -أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئا إلا أن ييسره الله لكم ولهذا قال تعالى ) وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ (  فالسعي في السبب لا ينافي التوكل كما قال الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب يقول : إنه سمع رسول الله r يقول : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا .([1]

وأباح سبحانه السعي في الأرض طلبا للحلال فقال سبحانه ) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ  [الجمعة : 10](

ثانيا :أن تنال أجر المجاهد في سبيل الله :

معاشر الموحدين: و من ثمار العمل و الكسب أن ينال العامل الجد الجهاد في سبيل الله و ذلك من فضل الله تعالى الأرض يقـول سبحــانه ) وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ  [المزمل : 20](

يقول القرطبي رحمه الله: سوى الله تعالى في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال للنفقة على نفسه وعياله الإحسان والإفضال، فكان هذا دليلا على أن كسب المال بمنزلة الجهاد، لأنه جمعه مع الجهاد في سبيل الله ...

 وقال ابن مسعود رضي الله عنه-أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان له عند الله منزلة الشهداء وقرأ  ) وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ (

وجعل النبي r  السعي على النفس أو لأبناء أو الآباء يعدل الجهاد في سبيل الله.

عن أبي هريرة t قال بينا نحن مع رسول الله r إذا طلع شاب من الثنية فلما رأينا رميناه بأبصارنا فقلنا لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله فسمع رسول الله rفقال : وما سبيل الله إلا من قتل من سعى على والديه ففي سبيل الله ومن سعى على عياله ففي سبيل الله ، ومن سعي مكاثرا ففي سبيل الطاغوت ) ([2]) (وفي رواية  سبيل الشيطان ) .

وقال ابن عمر رضي الله عنها ما خلق الله موته أمواتها بعد الموت في سبيل الله أحب إلى من الموت بين شعبتي رحلي ابتغي من فضل الله ضاربا في الأرض،

وقال طاووس: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله،

ثالثا: أن تتشبه بالأنبياء :

و لقد أمرنا الله تعالى في كتابه بالاقتداء و التشبه بهم فقال جل جلاله { أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ } [الأنعام: 90]

   فالعمل أيها الأحباب شرف و اقتداء بصفوة الخلق من الأنبياء و المرسلين

 وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما بسند واه كان داود زرادا ، وكان آدم حرثا ، وكان نوحا نجارا ، وكان إدريس خياطا ، وكان موسى راعيا ،

وعن ابن عباس t  قال: إن داود كان زرادا يصنع الزدد والدروع وكان آدم حراثا، وكان نوح نجارا، وكان إدريس خياطا. ([3]

وها هو نبي الله موسى عليه السلام يعمل بالأجرة عند العبد الصالح شعيب يقول سبحانه وتعالى { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (28) } [القصص: 26 - 28].

 وها هو يوسف عليه السلام يعمل على خزائن مصر يقول سبحانه تعالى {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } [يوسف: 55، 56] .

وهذا سيد الأنبياء وإمام الأتقياء وخاتم المرسلين يعمل ويكد لأن العمل من سنن هذه الحياة وهو مع ذلك يقتدى بغيرة من الأنبياء عليهم السلام،

عن أبي هريرة t  قال: قال رسول الله r  ما من نبي إلا وقد رعى الغنم؛ قالوا: وأنت يا رسول الله؛ قال: نعم، كنت أرعها على قراريط لأهل مكة. ([4])

رابعا أن يعف نفسه عن مسالة الناس:

معاشر الموحدين ومن ثمار العمل و الكسب أن يعف العامل نفسه عن مسألة الناس و الوقوف على أبوابهم  فالمسألة مذلة للسائل تريق ماء وجهه عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: « لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ حَطَبٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَبِيعَهَا فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ»[5]

وصح عن الإمام أحمد مع ما اشتهر من زهده وورعه أنه قال لمن سأله عن ذلك الزم السوق.

وقال لآخر: استغن عن الناس فلم أر مثل الغنى عنهم، ([6])

عن عفان قال: لقي رجل الحسن بن يحيى بأرض الحبشة معه تجارة فقال له: ما الذي بلغ بك هاهنا؛ فعزله الرجل فقال: أكل هذا طلب الدنيا وحرصا عليها ؟!؛

فقال الحسن: يا هذا إن الذي حملني على هذا كراهة الحاجة إلى مثلك. ([7])

إذا المرء لم يطلب معاشا       يتحاش من طول الجلوس

جفاه الأقربون وصار كلا         على الإخوان كالثوب اللبيس

وما الأرزاق عن جلدا ولكن       بما قــدر المقتــدر للنفوس. ([8])

خامسا :أن تنال أجر الصدقة :

إخوة الإسلام :ومن ثمار العمل أن يعمل فيأكل هو و أهله و يتصدق فيكون ذلك كله في موازين حسناته صدقات  حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: على كل مسلم صدقة قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: يعين ذا الحاجة الملهوف قال: أرأيت إن لم يستطع، قال: يأمر بالمعروف أو الخير. قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: يمسك عن الشر، فإنها صدقة [9]

عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، وَهُوَ بِمَكَّةَ وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ سَعْدَ ابْنَ عَفْرَاءَ» وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا ابْنَةٌ وَاحِدَةٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: فَالنِّصْفُ؟ قَالَ: «لَا» قَالَ: فَالثُّلُثُ؟، قَالَ: «الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ إِنْ تَدَعْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ فِي أَيْدِيَهُمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا تُنْفِقْ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةَ الَّتِي تَرْفَعُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ، وَلَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَرْزُقَكَ فَيَنْتَفِعَ بِكَ أُنَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ»[10]

سادسا: أن يأخذ بأسباب:

 و اعلموا أن من ثمار العمل و الكسب أن يأخذ بأسباب التي شرعها الله تعالى و حثنا اخذ بها  ، فيتوكل عل الله و يتواكل و يترك  العمل عن عمر بن الخطاب يقول : إنه سمع رسول الله r يقول : لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا .([11]

سابعا أن يكون مطعمه حلال فيقبل الله عمله:

و اعلموا عباد الله أن من شروط قبول الأعمال المطعم الحلال فعن أبي هريرة t  قال : قال رسول الله r : ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسة حرام وغذي بالحرام فأني يستجاب لذلك . ([12])

 وقال النبي r  لسعيد بن أبى وقاص: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة ([13]).

 عن مالك بن دينار رحمه الله قال: أصابَ بني إسرائيل بلاءٌ وقحطٌ، فخرجوا يُضِجُّون، فأوحى الله إلى نبيٍّ من أنبيائهم أن أخبرِهم: تخرجون إلى الصعيدِ بأبدانٍ نجِسَةٍ، وأيدٍ قد سفكتُم بها الدماءَ، وملأتم بطونَكم من الحرامِ؟ الآن حين اشتدَّ غضبي عليكم، ولن تزدادُوا مني إلا بُعدًا

وقال بعض السلف: لا تستبطئ الإجابة وقد سددت طرقها بالمعاصي.

وعن وهب ابن منبه رحمه الله قال: من سره أن يستجيب الله دعوته فليطيب طعمته.

ثامنا: أن تنال مغفرة الله تعالى: و حثت الشريعة الإسلامية علي العمل والإنتاج، و الكسب الحلال   ورتبت على ذلك الأجر و الثواب من الكريم الوهاب جلال جلاله فجاء في الحديث و إن كان فيه ضعف أن من بات أكلا من عمل يده غفر الله تعالى له عن انس رضى الله عنه قال   رسول الله صلي الله عليه وسلم: «منْ باتَ كالًّا منْ طلبِ الحلالِ باتَ مغفورًا لهُ»،[14].

أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات، فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه، إنه كان للأوابين غفورًا.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد: ..............................

تاسعا: أن تعمل لتنهض الأمة: أيُّها الإخوة المؤمنون، إنَّ ارتفاع الأممِ وهبوطها، وبقاءَها واندثارها يرتبط ارتباطًا كبيرًا بعملِ أبنائها وتطلُّعاتهم واهتماماتهم، فلن ترتقيَ أمةٌ يميلُ أبناؤها إلى الدَّعة والراحة والسكون، ويؤثرون على العمل الجاد - الذي يسهم في بناءِ الأمة - كلَّ عملٍ يُحَقِّق نصيبًا أكبر من الكسل والخمول، مع السعي في تحصيل عائد مالي جيدٍ يوفِّرُ متطلبات الرفاهية والتَّرف.

وإذا كان أفراد الأمَّة بتلك الصورة، فإنَّ الدنيا ومتعلقاتها تنقلبُ في مفهومهم إلى غاية تُقْصَدُ بعد أنْ كانتْ وسيلةً تُسْتَثْمَرُ، لا يهمُّ معها النظرُ في متطلبات الأمة وحاجاتها؛ فتبقى الأمةُ في تخلُّفها، بل يزداد تخلُّفها بقَدْرِ ازدياد تَرف أبنائها؛ حتى تكون عُرْضةً للانهيار والسقوط.

و علموا عباد الله أن العمل الجاد هو الركيزة الأساسية لنهضة الأمم والشعوب ومواكبة التطور الشامل الذي يشهده العالم من حولنا، و ما تخلفت الأمة في الآونة أخيرة إلا بتركها العمل الجاد و ركون أبنائها إلى الدعة و الاعتماد على ما يقدمه الغير لها من صناعات و آلات فأصبحت الأمة عالة على غيرها يتحكم فيها الغير ولا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم   و اصبح لا راي لنا و كما قال الشيخ الشعراوي رحمه الله " لن تكون كلمتنا من رأسنا....إلا إذا كانت لقمتنا من فأسنا"

و الله تعالى أمرنا بإعداد العدة فقال سبحانه { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 60، 61]

عاشرا: نعمل حتى نقضي عل البطالة و التسول : لذا جاء الإسلام و حث اتباعه على العمل و تأملوا عبادا  عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ: "أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ " قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، قَالَ: "ائْتِنِي بِهِمَا"، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ " قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا"، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: "اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ،"، فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: "اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا"، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ "[15]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا قَدْ أَعْطَاهُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ "[16]

كما أنه اعتبر البطالة ظاهرة سلبية، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إني لأكره أن أجد الرجل فارغًا؛ لا في أمر دنياه، ولا في أمر آخرته"

قال عمر رضي الله عنه: "إني لأرى الرجل يُعجِبني، فأقول: هل له حرفةٌ؟ فإن قالوا: لا، سقط من عيني".

يقول الراغبُ الأصفهاني: "مَن تعطَّل وتبطَّل، انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية، وصار من جنس الموتى، ومَن تعوَّد الكسل ومال إلى الراحة، فقدَ الراحة، وقد قيل: إن أردت ألا تَتْعَبَ، فاتعبْ؛ لئلا تتعب".

قال لقمان الحكيم لابنِه: "يا بُنَي، استعِنْ بالكسب الحلال؛ فإنه ما افتقر أحد قط إلا أصابه ثلاث خصال: رقةٌ في دينه، وضعفٌ في عقله، وذَهابُ مروءته، وأعظم من ذلك استخفافُ الناس به".

الدعاء.........................................

 



[1] - جامع الأحاديث - (18 / 104)أخرجه ابن المبارك في الزهد (ص 196 ، رقم 559) ، والطيالسى (ص 11 ، رقم 51) ، وأحمد (1/30 ،رقم 205) ، والترمذي (4/573 ، رقم 2344) .و صححه الألباني في السلسة الصحيحة  ح 310 .

[2] - أخرجه الطبراني في الأوسط (4/284، رقم 4214)، والبيهقي في الكبرى (9/25، رقم 17602) . وأخرجه أيضًا: في شعب الإيمان (7/299، رقم 10377).

[3] - غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام - (رقم 163)و قال الألباني  ( موضوع )

[4] - أخرجه البخاري رقم 2262. وابن ماجة رقم 2149.

[5] - أخرجه البخاري في كتاب: البيوع، باب: كسب الرجل وعمله بيده «2075»

[6] - الآداب الشرعية - (3 / 430)

[7] - إصلاح المال ص87 .، إصلاح المال - (1 / 232)رقم 226

[8] - إصلاح المال رقم 228 .،و أمثال الحديث - (ص  93) الإشراف في منازل الأشراف - (ص  233)           

[9] - أخرجه البخاري، كتاب الأدب، باب: كل معروف صدقة (8/ 11)، رقم: (6022)، ومسلم، كتاب الكسوف، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (2/ 699)، رقم: (1008).

[10] - البخاري في "صحيحه" (56) و (3936)

[11] - ، وأحمد (1/30 ،رقم 205) ، والترمذي (4/573 ، رقم 2344) .و صححه الألباني في السلسة الصحيحة  ح 310 .

[12] - أخرجه أحمد (2/328 ، رقم 8330) ، ومسلم (2/703 ، رقم 1015) ، والترمذي (5/220 ، رقم 2989 .

[13] - جامع الأحاديث - (4 / 482)أخرجه الطبراني كما في مجمع الزوائد (10/291) قال الهيثمي : فيه من لم أعرفهم . وأخرجه أيضاً: الطبراني في الأوسط (6/310، رقم 6495) . ضعيف جدا ضعفه الألباني في الضعيفة رقم 1812.

[14] - الجامع الصغير من حديث البشير النذير (ط-أخرى) (2/ 320) قال الألباني - ( صحيح )

[15] -    ابن ماجه في سننه ج 2/  ص 741 حديث رقم: 2198  وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود 1641

[16] - أخرجه البخاري (1470)



رابط تحميل خطبة الثمار العشر للعمل و الكسب الحلال.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf