مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة.pdf


مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة

الشيخ السيد مراد سلامة

الخطبة الأولى

أما بعد: ..................................

أيها الأحباب حديثنا اليوم عن الأسرة المؤمنة التي استقامة على أوامر الله تعالى و انتهت عن نواهيه

 عن الأسرة المسلمة التي أسلمت لله رب العالمين

عن الأسرة المتحابة التي ألف الإيمان بين أفرادها لا غل ولا حسد و لا حقد و لا بغضاء تلك الأسرة التي كانت لبنة قوية في صرح الإيمان و التي كانت لبنة قوية في صرح الأمة الإسلامية............

 حديثنا عن الأسرة يوم القيامة................ هيا أيها الآباء لننتقل من هنا إلى هناك من أرض غير الأرض وسماء غير السماء إلى يوم الأهوال إلى يوم الفرار إلى يوم التناد إلى ذلك اليوم العصيب الرهيب لنرى ثمر هذه الأسرة في أرض المحشر وقد  الجم الناس العرق الجاما ....

لنرى تلك الأسرة وهي تكرم وغيرها يهان

 لنرى تلك الأسرة وهي يشفع بعضهم لبعض في حين التخاصم الحساب العسير على أسر أخرى ........................

أولا: مشهد الفرار يوم القيامة

نقف أيها الإخوة الأعزاء لنرى مشهدا رهيبا انه مشهد الفرار يوم القيامة الكل يفر من الكل.... الكل يقول نفسي نفسي {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 33 - 37]

مشهد المرء يفر وينسلخ من ألصق الناس به: «يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ» .. أولئك الذين تربطهم به وشائج وروابط لا تنفصم ولكن هذه الصاخة تمزق هذه الروابط تمزيقا، وتقطع تلك الوشائج تقطيعا.

«والهول في هذا المشهد هول نفسي بحت، يفزع النفس ويفصلها عن محيطها. ويستبد بها استبدادا. فلكل نفسه وشأنه، ولديه الكفاية من الهم الخاص به، الذي لا يدع له فضلة من وعي أو جهد: «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» ..

«والظلال الكامنة وراء هذه العبارة وفي طياتها ظلال عميقة سحيقة. فما يوجد أخصر ولا أشمل من هذا التعبير، لتصوير الهم الذي يشغل الحس والضمير: «لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» «1» ! ذلك حال الخلق جميعا في هول ذلك اليوم.. إذا جاءت الصاخة"

ثانيا: مشهد الشفاعة يوم القيامة :

وفي ذلك المشهد الرهيب تأتي الشفاعة شفاعة الأبناء لآبائهم يوم القيامة ومن الشفاعات الثابتة ما جاء في شفاعة الولدان في آبائهم وأمهاتهم إذا احتسبوهم عند الله تعالى بنية صادقة، رحمة من الله تعالى وكرماً منه، ليجبر قلوب الآباء والأمهات بما لحقهم من فقد أولادهم.

ومن الأدلة على ذلك ما قاله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبي هريرة رضي الله عنه: ((لا يموت لمسلم ثلاث من الولد فيلج النار إلا تحلة القسم)) ([1]).

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النساء قلن للنبي صلى الله عليه وسلم: ((اجعل لنا يوماً، فوعظهن، وقال: أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كانوا له حجاباً من النار. قالت امرأة: واثنان؟ قال: واثنان وفي رواية:لم يبلغوا الحنث)) . ([2])

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاث لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم)). ([3])

وعن أبي هريرة قال: ((جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها فقالت: يا رسول الله, إنه يشتكي, وإني أخاف عليه؛ قد دفنت ثلاثة. قال: لقد احتظرت بحظار شديد من النار)) . ([4])

عن شرحبيل بن شفعة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((يقال للولدان يوم القيامة: أدخلوا الجنة قال: فيقولون: يا ربنا حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا. قال: فيأبون. قال: فيقول الله عز وجل: ما لي أراهم محبنطئين، ادخلوا الجنة. قال: فيقولون: يا رب آباؤنا وأمهاتنا. قال: فيقول: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم)) ([5])

وقد جعل الله قبول لهذه الشفاعة من الأبناء لآبائهم تفضلاً منه؛ لزيادة أسباب ثوابهم ورفع درجاتهم، حيث عوضهم الله من فقد ثمرة أكبادهم صغاراً بقبول شفاعتهم فيهم.

ثالثا: شفاعة الشهداء لأهليهم:

إخوة الإسلام الشهداء الذين بذلوا انفسهم لله سبحانه و تعالى هؤلاء يجتمعون مع أهليهم يوم القيامة و يشفعون لهم بدخول الجنة و النجاة من النار

الوليد بن رباح الذماري عن نمران بن عتبة الذماري قال: دخلنا على أم الدرداء ونحن أيتام، فقالت: أبشروا، فإني سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته))([6])

رابعا: مشهد الرفعة :

مِن رحمةِ اللهِ سبحانه وفضْلِه أن جعَلَ أسبابًا كثيرةً لرَفْعِ الدَّرَجاتِ وغُفرانِ الذُّنوبِ، ومِن ذلك أنَّه جعَل استِغفارَ الولَدِ لوالِدَيهِ سبَبًا لرَفْعِ درَجتِهما في الجنَّةِ،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَنَّى هَذَا فَيُقَالُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ) .

{إنَّ الرَّجُلَ لَتُرفَعُ درَجتُه في الجنَّةِ} أي: تُزادُ مَنزِلتُه في الجنَّةِ بغيرِ عمَلٍ عَمِله، إلَّا بما يُقدِّمُه الوالِدانِ لابنِهما مِن تربيةٍ وبِرٍّ به ممَّا يَستوجِبُ عليه أن يَستغفِرَ لهما، وهي إمَّا رفعةُ الدَّرَجاتِ حَقيقةً، وهي مَصاعِدُ قُصورِه في الجنَّةِ وطُرقاتِه، أو كِنايةٌ عن عِزَّتِه وعَظمتِه، فيَقولُ العَبدُ: {أنَّى هذا؟}، أي: كيف حصَل لي هذا الرَّفعُ في الدَّرجةِ وبأيِّ عمَلٍ؟ فيُقالُ: {باستِغْفارِ ولَدِك لَك}، أي: بسبَبِ استِغفارِ ولَدِك لك؛ لأنَّ الولَدَ مِن كَسْبِ أبيهِ؛ فيَكونُ كالصَّدَقةِ الجاريَةِ،

خامسا: مشهد التتويج يوم القيامة:

ومن مشاهد اجتماع الأسرة يوم القيامة نرى ونشاهد مشهد رائع انه أيها الأحباب مشهد التتويج يوم القيامة للآباء والأمهات الذين ربوا أبنائهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم – الذين حفظوهم القران ولم يتركوهم للقنوات ولا للفضائيات تعلمهم الغناء والمكاء ......................

عن بريدة رضي الله عنه قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول:}َإِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ. فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ. فَيَقُولُ لَهُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ، فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لَا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا. فَيَقُولَانِ: بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ اقْرَأْ وَاصْعَدْ فِي دَرَجَةِ الْجَنَّةِ وَغُرَفِهَا فَهُوَ فِي صُعُودٍ مَا دَامَ يَقْرَأُ هَذًّا كَانَ أَوْ تَرْتِيلًا)([7])

خامسا :اللحاق المحمود :

قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور: 21].

وهذه البشارة للمؤمنين تشير إلى سعة فضل الله، وكرمه، وامتنانه، ولطفه، وكمال إحسانه إليهم.

قال ابن عباس –رضي الله عنه-:إن الله - عز وجل - ليرفع ذرية المؤمن في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه، ثم قرأ الآية: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ.... الآية[2].

قال ابن كثير: (فإذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم، لتقر أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك([8])

أستغفر الله لي ولكم وللمسلمين والمسلمات، فاستغفروا ربكم وتوبوا إليه، إنه كان للأوابين غفورًا.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:

سابعا :لقاء الزوج بزوجته و أبنائه في الجنة :

إخوة الإسلام وفي الجنة ليتقي احبة ليتقي الزوج الصالح بزوجته إنه لقاء في دار النضرة والحبور والنعمة والسرور فزوجة المؤمن في الدنيا تكون زوجته في الجنة أيضا إذا كانت مؤمنة، قال تعالى {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 23، 24]

وتلك العاقبة الحسنة هي دخول جنات عدن، والإقامة فيها خالدين أبدا، لا يخرجون منها. ويجمع الله بينهم وبين أحبابهم من الآباء والأزواج والأبناء الصالحين لدخول الجنة، لتقر بهم أعينهم؛ وتدخل عليهم الملائكة من كل باب مسلمين مهنئين بدخول الجنة، وبرضوان الله عليهم.

وتقول لهم الملائكة: سلام عليكم ، وأمن دائم لكم ، لقد صبرتم في سبيل الله ، واحتملتم المشاق والآلام ، ففزتم برضوان الله ، فنعمت عاقبتكم في الدار الآخرة .

وقال تعالى :{ ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم (8) وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم (9) } [غافر/8، 9]

وتتابع الملائكة الأطهار دعاءهم للمؤمنين التائبين ، فيسألون ربهم تعالى أن يدخلهم الجنات التي وعدهم تعالى بها على ألسنة رسله ، وأن يدخل معهم الجنات الصالحين من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم لتقر بهم أعينهم ، فإن الاجتماع بالأهل والعشيرة في مواضع السرور يكون أكمل للبهجة والأنس ، فأنت يا رب الغالب الذي لا يقاوم ، الحكيم في شرعه وفعله وتدبيره .

عن عطية بن قيس الكلاعي قال : خطب معاوية بن أبي سفيان أم الدرداء بعد وفاة أبي الدرداء قالت أم الدرداء : سمعت أبا الدرداء يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : { أيما امرأة توفي عنها زوجها فتزوجت بعده فهي لآخر أزواجها } . وما كنت لأختار على أبي الدرداء . فكتب إليها معاوية : فعليك بالصوم ، فإنها محسمة . رواه الطبراني في الكبير ، والأوسط([9])

عن حذيفة رضى الله عنه أنه قال لامرأته : إن سرك أن تكونى زوجتى فى الجنة فلا تزوجى بعدى فإن المرأة فى الجنة لآخر أزواجها فى الدنيا فلذلك حرم على أزواج النبى - صلى الله عليه وسلم - أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه فى الجنة.

وعن أنس رضي الله عنه أن أم حبيبة أو غيرها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا رسول الله ، المرأة يموت زوجها فتتزوج بعده زوجا آخر ثم يموت ، لمن هي ؟ قال : لأحسنهما خلقا كان معها "([10])

الدعاء.........................



[1] -رواه البخاري (1251)، ومسلم (2632).

[2] -رواه مسلم (2632).

[3] -رواه البخاري (1381).

[4] -رواه مسلم (2636).

[5] -رواه أحمد (4/105) (17012). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (10/386): رجاله رجال الصحيح غير شرحبيل وهو ثقة‏‏.

[6] -رواه أبو داود (2522)، وابن حبان (10/517) (4660)، والبيهقي (9/164) (18308). والحديث سكت عنه أبو داود، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).

[7] - رواه أحمد في "المسند" (394) وابن ماجه في "السنن" (3781) وحسنه البوصيري في الزوائد والألباني في "السلسلة الصحيحة" (2829)

[8] -((تفسير ابن كثير)) (7/432).   

[9] -المعجم الأوسط للطبراني(3248 ) حسن لغيره

[10] -


مشاهد التكريم للأسرة يوم القيامة.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf