كيف تنال أجر الجهاد والشهادة في سبيل الله.pdf
كيف تنال أجر
الجهاد والشهادة في سبيل الله؟
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
أما بعد: فحياكم الله أيها الأخوة الأفاضل وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم
جميعاً من الجنة منزلا ، وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعني مع حضراتكم
في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته ، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة
المصطفى في جنته ودار مقامته ،إنه ولى ذلك والقادر عليه ..
أما بعد:
فيا إخوة الإيمان أحباب النبي العدنان -صلى الله عليه وسلم -اعلموا:
أن من حكمة الله سبحانه وتعالى أنه فتح على يدي نبيه نبي الرحمة أبواب الفضائل
الجمة فما من عمل عظيم يقوم به قوم ويعجز عنه آخرون إلا وقد جعل الله عملاً يقاومه
أو يفضل عليه فتتساوى الأمة كلها في القدرة عليه ..... فإذا كان الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام
وقبته ومنازل أهله أعلى المنازل في الجنة كما لهم الرفعة في الدنيا فهم الأعلون في
الدنيا والآخرة و إذا كانت الشهادة من أعلى مقامات الدين فإن الله تعالى فتح على
يدي نبيه صلى الله عليه وسلم أبواب الخير ليدخل منها كل من أراد أن ينال شرف
الجهاد و الشهادة و في هذه الخطبة نتعرف
على عبادات و طاعات يكرم أصحابها بنيل وسام الجهاد و الشهادة فأعيرون القلوب و
الأسماع
✍ أولا: الإيمان بالله تعالى واتباع رسوله صلى
الله عليه وسلم
اعلم بارك الله فيك -إذا كنت تريد أن تكون في زمرة الأنبياء و
الصديقين و الشهداء و الصالحين فعليك بطاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه
وسلم قال الله تعالى {مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ
أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ
وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا } [النساء: 69، 70]
ومن أطاع الله والرسول من هذه الأمة كان منهم، وحشر يوم القيامة معهم
; لأنه وقد ختم الله النبوة والرسالة لا بد أن يرتقي في الاتباع إلى درجة أحد
الأصناف الثلاثة: الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا أي: إن مرافقة
أولئك الأصناف هي في الدرجة التي يرغب العاقل فيها لحسنها
عن أبي سعيد الخدرى - رضي الله عنه - عن النبي - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم، كما
يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب، لتفاضل ما
بينهم". قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟
قال: "بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدّقوا
المرسلين".([1])
✍ ثانيا: النية الصالحة:
ومن أسباب حصول أجر الجهاد والشهادة في سبيل الله النية الصالحة،
فالنية أيها الإخوة هي تجارة العلماء وبالنوايا ينال المسلم مالم تبلغه المطايا
مَنْ لِي بِمِثْلِ سَيْرِكَ
الْمُدَلَّلِ تَمْشِي رُوَيْدًا
وَتَجِي فِي الْأَوَّلِ
واسمعوا أيها الإخوة إلى هذا الحديث
جيدا عن سَهْل بْنَ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ
سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ مِنْ
قَلْبِهِ صَادِقًا بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَإِنْ مَاتَ عَلَى
فِرَاشِهِ» ([2])
يقول المناوي- رحمه الله - ":[هذا الأجر] مجازاة
على صدق الطلب، لأن كلا منهما نوى خيراً وفعل ما يقدر عليه فاستويا في أصل الأجر،
ولا يلزم من استوائهما فيه من هذه الجهة استواؤهما في كيفيته وتفاصيله إذ الأجر على
العمل ونيته يزيد على مجرد النية, ولا ريب أن الحاصل للمقتول من ثواب الشهادة
تزيد كيفيته وصفاته على الحاصل للناوي
[للشهادة] الميت على فراشه وإن بلغ منزلة الشهيد ،فهما وإن استويا في الأجر لكن
الأعمال التي قام به العامل تقتضي أثراً زائداً وقرباً خاصاً، وهو فضل الله يؤتيه
من يشاء ،وفي الحديث ندب سؤال الشهادة بنية صادقة ".أهـ ([3])
وها هو الله الكريم يخبرنا عن فضله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم
عن بلوغ درجة المجاهدين و مشاركتهم في الأجر لمن علم الله تعالى صدق نيته وصفاء
سريرته عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صلى الله عليه وسلم رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ
فَقَالَ إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا ، وَلاَ
قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ وَهُمْ
بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ. ([4])
فمعنى الحديث أيها الكرام : أن الإنسان إذا نوى العمل الصالح ولكنه
حبسه عنه حابس فإنه يكتب له الأجر، أجر ما نوى .
أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي لما كان قادراً كان يعمله ثم
عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً .
فالمتمني للخير، الحريص عليه إن كان من عادته أنه كان يعمله ولكنه
حبسه عنه حابس، كتب له أجره كاملاً
وقد خرّج ابن المبارك بإسناده عن صفوان؛ أن أبا هريرة قال: (أيستطيع
أحدكم أن يقوم فلا يفتر و يصوم فلا يفطر ما كان حيا؟) فقيل: (يا أبا هريرة من يطيق
هذا؟)، قال: (والذي نفسي بيده إن نوم المجاهد في سبيل الله أفضل منه).
وها هو صلى الله عليه وسلم يبشرنا أن من سأل الله تعالى الشهادة بصدق
بلغه الله منازل الشهداء ،عن سَهْلَ بْنَ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ
حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه
وسلم- قَالَ « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ
مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ». وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو
الطَّاهِرِ فِى حَدِيثِهِ « بِصِدْقٍ ».([5])
يرغب صلى الله عليه وسلم في نية الخير، وفي الرغبة في الجهاد، والحرص
عليه، والتشوق له، ولو كان فيه التضحية بالنفس في سبيل الله، فما أحب البلاء
المؤدي إلى النعيم المقيم، والدرجات العلى في الآخرة، فجعل لهذه الرغبة، والحرص
على تنفيذها، بعزم وتصميم، وإيمان وإخلاص، فمنعه مانع من التنفيذ أجر من نفذ
الجهاد، وأجر من مات في المعركة، وإن مات في بيته وعلى فراشه من غير جهاد، ولا ضرب
بسيف، ولا طعن برمح، ولا رمي بنبل، وإنما لكل امرئ ما نوى"
عن أبيه : أن عمر بن الخطاب ، قال : اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك
ووفاة في مدينة رسولك
ولقد نال عمر رضي الله عنه تلك الأمنية فمات شهيدا في صلاة الفجر و
دفن إلى جورا صاحبيه .
✍ ثالثا: من اخلف غازيا في أهله أو جهز غازيا:
واعلموا بارك الله فيكم: أن من
موجبات أجر الجهاد في سبيل الله أن يخلف المسلم المجاهد في سبيل الله في أهله
فيتفقد أحوالهم ويعينهم أن احتاجوا شيئا
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى
الله عليه وسلم-أَنَّهُ قَالَ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ
غَزَا وَمَنْ خَلَفَهُ في أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا». ([6]).
قوله (من جهز غازيا في سبيل
الله) أي من هيأ له أسباب سفره، وأسباب غزوه وقتاله، وهل المراد تمام التجهيز؟ أو
بعضه؟ سيأتي إيضاحه في فقه الحديث.
(فقد غزا) أي حصل له أجر من غزا، وسيأتي بحث ذلك في فقه الحديث.
(ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا)، أي خلفه في قضاء حوائج أهله، من
الإنفاق عليهم، أو مساعدتهم في أمرهم، والقيام بشئونهم.
✍ رابعا: السعي على خدمة الأرملة والمسكين:
اعلم بارك الله فيك: أخي الكريم :
أن من الأسباب التي ينال به المسلم أجر الجهاد في سبيل الله أن يكفل
الأرملة والمسكين فمن فعل ذلك فهو مجاهد وقائم وصائم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ
كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ
النَّهَارَ. ([7])
.
يقول ابن بطال رحمه الله : من
عجز عن الجهاد في سبيل الله وعن قيام الليل وصيام النهار ، فليعمل بهذا الحديث
وليسع على الرامل والمساكين ليحشر يوم القيامة في جملة المجاهدين في سبيل الله دون
أن يخطو فى ذلك خطوة ، أو ينفق درهمًا ، أو يلقى عدوًا يرتاع بلقائه ، أو ليحشر في
زمرة الصائمين والقائمين وينال درجتهم وهو طاعم نهاره نائم ليلة أيام حياته ، فنينبغي
لكل مؤمن أن يحرص على هذه التجارة التي لا تبور ، ويسعى على ارمله أو مسكين لوجه
الله تعالى فيربح فى تجارته درجات المجاهدين والصائمين والقائمين من غير تعب ولا نصب
، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .([8])
✍ خامسا: بر الوالدين والإحسان إليهما:
أيها
الآباء وأيها الإخوة الأعزاء: ومن
فضل الله تعالى أن جعل بر الوالدين و الإحسان إليهما يعدل الجهاد في سبيله بل أمر
من جاءه يريد الجهاد أن يرجع إلى والديه ليحسن إليهما عن عَبْد اللهِ بْنَ عَمْرٍو
، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه
وسلم فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الْجِهَادِ فَقَالَ أَحَىٌّ وَالِدَاكَ قَالَ نَعَمْ
قَالَ فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ. ([9])
قال الإمام النووي رحمه الله
:هذا كله دليل لعظم فضيلة برهما ، وأنه آكد من الجهاد ، وفيه حجة لما قاله العلماء
أنه لا يجوز الجهاد إلا بإذنهما إذا كانا مسلمين ، أو بإذن المسلم منهما . فلو
كانا مشركين لم يشترط إذنهما عند الشافعي ومن وافقه ، وشرطه الثوري . هذا كله إذا
لم يحضر الصف ويتعين القتال ، وإلا فحينئذ يجوز بغير إذن . وأجمع العلماء على
الأمر ببر الوالدين ، وأن عقوقهما حرام من الكبائر([10])
أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا
اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدنا محمدًا الداعي إلى
رضوانه وعلى آله وصحبه وجميع إخوانه.
أما بعد :
✍ سادسا: التمسك بسنة رسول الله صلى الله عليه
وسلم في زمان الفتن
إخوة الإيمان اتباع النبي العدنان صلى
الله عليه وسلم: إن مما يدرك به المسلم درجة الشهادة وخاصة في هذه الأيام التي
انقلبت فيها الموازين فأصبح الحق باطلا و الباطل حقا و أصبحت سنة رسول الله صلى
الله عليه وسلم في قفص الاتهام و أصبح من ينادي بها متطرفا أو متشددا أو
رجعيا فوجب علينا أن نعتصم بسنته و أن نعض
عليها بالنواجذ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ زَمَانَ صَبْرٍ،
لِلمُتَمَسِّكِ فِيهِ أَجْرُ خَمْسِينَ شَهِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ
اللَّهِ، مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ؟ قَالَ: مِنْكُمْ.([11])
✍ سابعا: الموت بالطاعون
فالطاعون وباء وفيروس خطير جعل النبي –صلى الله عليه وسلم للصابر فيه
أجر شهيد و الفار من كالفار من الزحف جَاءَ
فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَفْنَى أُمَّتِي إِلَّا بِالطَّعْنِ
وَالطَّاعُونِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ،، هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ،
فَمَا الطَّاعُونُ؟ قَالَ: غُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَعِيرِ، الْمُقِيمُ بِهَا
كَالشَّهِيدِ، وَالْفَارُّ مِنْهَا كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
([12])
✍ ثامنا: الموت دفاعا عن الدين أو المال أو عن
النفس أو عن العرض
إخوة الإيمان ومن أسباب النيل
الشهادة أن يموت و هو يدافع عن
ماله أو من يموت وهو يدافع عن أهله و
دينه، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ
قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ
شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ " ([13])
.
عَنْ أُمِّ حَرَامٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ
قَالَ : الْمَائِدُ فِي الْبَحْرِ الَّذِي يُصِيبُهُ الْقَيْءُ لَهُ أَجْرُ
شَهِيدٍ ، وَالْغَرِقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ. " ([14]).
والمائد أيها الإخوة هو الذي يدور رأسه من ريح البحر واضطراب السفينة
بالأمواج.
قال علي القاري -رحمه الله تعالى-: يعني من ركب البحر وأصابه دوران،
فله أجر شهيد إن ركبه لطاعة كالغزو والحج وتحصيل العلم أو للتجارة، إن لم يكن له
طريق سواه أهـ
✍ تاسعا: الموت بأحد هذه الأمور السبع
إخوة الإسلام من فضل الله تعالى أن جعل المرض للمسلم
و المسلم سببا من أسباب رفع الدجة و علو المنزلة في الجنة ومنحهم سبحانه وسام
الشرف ألا و هو الشهادة وانعم بها من مكافأة عن جَابِر بْنَ عَتِيكٍ: أَنَّ عَبْدَ
اللهِ بْنَ ثَابِتٍ لَمَّا مَاتَ قَالَتْ ابْنَتُهُ: وَاللهِ إِنْ كُنْتُ
لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ شَهِيدًا، أَمَا إِنَّكَ قَدْ كُنْتَ قَضَيْتَ جِهَازَكَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ قَدْ
أَوْقَعَ أَجْرَهُ عَلَى قَدْرِ نِيَّتِهِ، وَمَا تَعُدُّونَ الشَّهَادَةَ؟ "
قَالُوا: قَتْلٌ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى
الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللهِ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ،
وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْحَرِيقِ
شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ
بِجُمْعٍ شَهِيدَةٌ ([15])
.
والمبطون هو الذي يشكو بطنه، والمرأة تموت بجمع أي تموت وولدها في
بطنها، وقيل هي المرأة البكر، وقد جاء حديث آخر بأن المرأة إذا ماتت بعد الولادة
وأثناء النفاس فهي شهيدة بإذن الله
" وسمى من مات بأحد هذه الأسباب شهيدًا لأن الله شهد له بالجنة,
ولسان ملائكه الرحمة تشهد غسله ونقل روحه إلى الجنة, ولأنه يشهد ما أعد الله له من
الكرامة في الجنة."([16])
✍ عاشرا لموت بمرض
السِّل
ومن الأمراض التي يكرم
أصحابها مرض السل، والسِّلُ مرض يصيب الرئة. فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -
رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "
السُّلُّ شَهَادَةٌ " ([17])
. .
أسأل الله أن يغفر ذنوبنا، وأن يستر عيوبنا، وأن يقوِّيَ إيماننا،
هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير، محمد المصطفى الأمين صلى الله
عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
و أقم الصلاة
[1] -صحيح
البخاري 6 /368 ح 3256- ك بدء الخلق، ب ماجاء في صفة الجنة ... ) ، وأخرجه مسلم
(الصحيح 4/2177 ح 2831- ك الجنة وصفة نعيمها، ب ترائي أهل الجنة اهل الغرف)
[2] - أخرجه مُسْلم 6/48(4964)
[3] -" فيض القدير:6|144
[4] - أخرجه البخاري
(2838) و (2839) ، و (4423)
[5] - أخرجه مسلم (1909)، وابن ماجه (2797)
[6] - أخرجه أحمد 4/115 و116 و117 و5/193، والبخاري 2483
[7] - أخرجه البخاري (6007) في الأدب: باب الساعي على المسكين،
ومسلم (2982) في الزهد: باب الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم
[8] - شرح صحيح البخاري ـ لابن بطال (9/ 218)
[9] - رواه الإمام أحمد –الفتح الرباني- (19/36)، والبخاري
(3004)، ومسلم (2549).
[10] - شرح النووي على مسلم ـ مشكول (8/ 333)
[11] -
أخرجه المروزي في "السنة" (33) , والطبراني (289) , وفي
"الأوسط" (3121) , وفي "مسند الشاميين" (17) قال الشيخ
الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 2234 في صحيح الجامع
[12] -التاريخ
الكبير" 4/211- 212، والبزار (3040) "زوائد"، والطبراني في
"الأوسط" (1418)
[13] - مسند أحمد ط الرسالة (3/ 190)وأخرجه أبو داود (4876) ،
والشاشي (205) و (208) و (230)
[14] - صَحِيحِ الْجَامِع: 5187
, صحيح الترغيب والترهيب: 1343 , المشكاة: 3839
[15] - مسند أحمد ط الرسالة (39/ 163)"الموطأ"
1/233-234، ومِن طريقه أخرجه الشافعي في "مسنده" 1/199-200، وأبو داود
(3111)
[16] - المنهل العذب المورود
شرح سنن أبي داود (8/ 245)
[17] - صَحِيح الْجَامِع: 3691 , تلخيص أحكام الجنائز ص
تعليقات
إرسال تعليق