علو همة المرأة في طلب الشهادة في سبيل الله.pdf


 

علو همة المرأة في طلب الشهادة في سبيل الله

الشيخ السيد مراد سلامة  

الخطبة الأولى

أيها الإخوة الأحباب كثيرا ما تكلمنا عن الشهيد والشهادة في سبيل الله وكثيرا ما ذكرنا صورا مشرقة للشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل إعلاء كلمة الله و الذود عن أوطانهم و قد يظن ظان أن الشهادة مقصورة على الرجال فحسب وأن المرأة ليس لها نصيب في الفوز بلقب الشهادة و أنا اليوم معاشر الرجال سأحدثكم عن علو همة المرأة في طلب الشهادة في سبيل الله ................ وللأسف الشديد يجهل كثير منا دور المرأة في سبيل الدفاع والذود عن الإسلام وحياضه...... وتجهل كثير من فتياتنا تاريخهن المجيد ودور أمهاتهن الأوائل في رفع راية الإسلام.......  المرأة المسلمة تهز المهد بيمينها والعرش بشماله

يا أسعدَ الناسِ في دين وفي أدب     بلا جُمان ولا عِقد ولا ذهب

بل بالتسابيح كالبشرى مرتلة     كالغيث كالفجر كالإشراق كالسحب

في سجدة، في دعاء، في مراقبة       في فكرة بين نور اللوح والكتب

في ومضة في سناء الغار جاد بها     رسولُ ربك للرومان والعرب

فأنتِ أسعد كلِّ العالمين بما      في قلبك الطاهر المعمور بالقرب

المرأة عديلة الرجل وشقيقته؛ هما في الخطاب واحد يستمعان وينصتان، ويبادران ويطبقان، ينجزان ويتنافسان، يتسابقان ويسارعان إلى مرضاة الله تعالى، وأحيانا يتدافعان ويتواجهان في صراع الحق مع الباطل.

آسية بنت مزاحم :

ترجمتها : آسية هي آسية بنت مزاحم بن عبيد الديان بن الوليد، وهي ترجع لأصول عربية من جزيرة العرب! وكان أبوها يحكم مملكة من الممالك التي خضعت للحكم المصري في عصر الدولة الفرعونية الحديثة، وكان من عادة الملوك أن يصاهروا بعضهم البعض، فتزوجها فرعون ليجعلها أثيرة إلى قلبه دون زوجاته الأخريات على الرغم من كونها امرأة عقيم!

لذلك ما إن رأت آسية التابوت الذي ألقت به أم موسى في النيل حتى تعلق قلبها به، ولنتحول الآن إلى نهر النيل، ولنتخيل أخت موسى وهي تمد الخطى لتراقب ذلك التابوت الذي قذفت به أمها في مياه النيل

إنها سيدة العصر و ملكة القصر و عزيزة أهل مصر كانت زوجة لفرعون، الحاكم الذي أمر عبيده بأن يعبدوه ويقدسوه، وأن ينادوه بفرعون الإله، ظهر في حياتها النبي موسى، وبعد جدال طويل مع زوجها، أصرت على تربيته كابن لهما. يقول ابن كثير عن هذه الواقعة في كتابه «البداية والنهاية»: «التقت الجواري (سيدنا موسى) من البحر في تابوت مغلق عليه، فلم يتجاسرن على فتحه، حتى وضعنه بين يدي امرأة فرعون، فلما فتحت الباب وكشفت الحجاب، رأت وجهه يتلألأ بتلك الأنوار النبوية، فلما رأته ووقع نظرها عليه، أحبته حباً شديداً جداً».

ويضيف «ابن كثير»: «لما جاء فرعون قال: ما هذا وأمر بذبحه، فاستوهبته منه ودفعت عنه، وقَالت: قُرَّةُ عَين لِي وَلك، فقال لها فرعون: أما لك فنعم، وأما لي فلا، فقالت: (عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا)، ثم تبناه، لأنه لم يكن ينجبا».

كبر موسى، وشاهد بطش فرعون وجنوده، فرحل إلى مدين، ثم عاد إلى مصر، ودعا إلى توحيد الله بدلا من فرعون، فآمنت به «آسية»، وأخفت ذلك عن زوجها، ثم بعد فترة أشهرت إيمانها بدين موسى، حينما قتل الماشطة التي كانت تمشط ابنتها، بعد ان قالت له: «ربي وربك الله»، فقذفها فرعون في النار هي وأولادها، ما أثار غضب «آسية»، لأن الماشطة أختها في الله، وأرادت أن تنتقم من فرعون، فواجهته: «الويل لك.. ما أجرأك على الله»، فرد: «لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة»، فقالت: «ما بي من جنون، لكني آمنت بالله تعالى رب العالمين».

ويُروى أن فرعون ثار غضباً، وجن جنونه، وتحدث إلى قومه على الملأ، وقال لهم: «ما تعلمون من آسية بنت مزاحم؟»، فأثنوا عليها، فقال لهم: «إنها تعبد رباً غيري»، فقالوا له: «اقتلها»، وبعد ذلك أرسل إليها فرعون عبيده، وقال: «انظروا أعظم صخرة تجدونها، فإن مضت على قولها فألقوها عليها، وإن رجعت عن قولها فهي امرأتي»، ثم شدّ زبانية فرعون بعدما رفضت التراجع ن الإيمان بالله، يديها ورجليها ووضعوها في الحر اللاهب تحت أشعة الشمس المحرقة، ووضعوا على ظهرها صخرة.

وها هي ذي كرمها القرآن، خلد ذكرها المنان، فى آية تتلى ما بقى الجديدان، ضرب الله - عز وجل - بإيمانها المثل. إنها آسية - امرأة فرعون - السراج الذي أضاء في ظلمات القصر، آسية التى غزا الإيمان قلبها، وملك عليها أمرها.

- يرتفع قدر هذه المرأة أضعافاً، وتعلو مكانتها علواً بمجرد أن يقع طرف البصر على الآية التى تليها حيث إفرادها بالذكر مع مريم ابنة عمران.

وهما الاثنتان نموذجان للمرأة المتطهرة المؤمنة المصدقة القانتة يضربهما الله لأزواج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمناسبة الحادث الذي نزلت فيه آيات صدر السورة , ويضربهما للمؤمنات من بعد في كل جيل.

قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)

- (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ) وضرب الله مثلاً لحال المؤمنين- الذين صدَّقوا الله، وعبدوه وحده، وعملوا بشرعه، وأنهم لا تضرهم مخالطة الكافرين في معاملتهم - بحال زوجة فرعون التي كانت في عصمة أشد الكافرين بالله، وهي مؤمنة بالله.

- (إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ) حين قالت: رب ابْنِ لي دارًا عندك في الجنة.

قال ابن القيم: فطلبت كون البيت عنده قبل طلبها أن يكون في الجنة فإن الجار قبل الدار.

- (وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ) خلصني من طغيان فرعون وتعذيبه وعمله الشنيع.

ويقول «ابن كثير»، إن فرعون تفنن في تعذيب زوجته، لكنها ظلت على الحق، وتحمّلت العذاب، طمعا في الفوز بالجنة، وعندما شعرت بنهايتها، دعت الله أن يبني لها بيتا في الجنة. يقول تعالي: «وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»، «التحريم: الآية 11». وكشف الله عن بصيرتها فأطلعها على مكانها في الجنة ففرحت وضحكت وكان فرعون حاضراً هذا المشهد. فقال: «ألا تعجبون من جنونها، إنا نعذبها وهي تضحك فقبض الله روحها إلى الجنة رضي الله عنها».

- عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَمَلَ مِنْ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنْ النِّسَاءِ إِلَّا آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ " [متفق عليه]([1])

أول شهيد في الإسلام سمية بنت خياط رضي الله عنها:

إخوة الإسلام: قبيل ظهور الإسلام قَدِم ياسر بن عامر رضي الله عنه من اليمن إلى مكة وأقام بها، فحالفه أبو حذيفة بن المغيرة وزوَّجه سمية بنت خياط رضي الله عنها وهي كانت أَمَةً له، ولمـَّا ولدت سميَّةُ عمَّارًا أعتقها أبو حذيفة، ثم لمـَّا جاء الله بالإسلام أسلم ياسر وعمار وسمية ، فقيل: إنَّ سمية كانت سابع سبعة في الإسلام،

فعن مجاهد رحمه الله أنَّه قال: أوَّل من أظهر الإسلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر الصديق، وبلال بن رباح، وصهيب، وخباب بن الأرت، وعمار بن ياسر، وسمية أم عمار رضي الله عنهم أجمعين

تعذيب سمية بنت خياط رضي الله عنها

أسلمت سمية وأهل بيتها وأسلمت وجهها للذي فطر السماوات والأرض خالط الإيمان نياط قلبها وأشرقت حياتها بنور الإسلام و علم الكفار بإسلامها و هنا بدا الامتحان و الابتلاء الذي اظهر معدنا إيمانها و صلابة عقيدتها و استهانتها بذلك العذاب الشديد صمدت صمود الجبال الرواسي ............. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرُّ بسميَّة وزوجها وابنها عمَّار رضي الله عنهم وهم يُعذَّبون في رمضاء مكة فيقول: "صَبْرًا يَا آلَ يَاسِرٍ فَإِنَّ مَوعدكم الجنة

 زحفت نحو الموت دون أن تتنازل لأبي جهل عن شيء من دينها.. كما قال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: (يقتلونها فتأبى إلاّ الإسلام) ([2])

سمية لا تبالي حين تلقى    عذاب النكر يوما أو تلينا

وتأبى أن تردد ما أرادوا   فكانت في عداد الصابرين

جرّها أبو جهل وهي في قيودها نحو بطحاءِ مكّة على كِبَر سنّها وضعفها، فسلخ جلدها بالسِّياط، وحطّم أضلاعها بالحجارة .. فلمّا أعياه الجَلد والضّرب، ولم يعُد يحتمل لَفْحَ الشّمس على رأسه، طعنها رضي الله عنها برمح في رحمها، أمام زوجها وابنها، وتركها تتخبّط بدمائها حتّى لفظت أنفاسها الأخيرة رضي الله عنها وأرضاها،

ورسول الله يمر بالعائلة المعذبة ويشير إليهم بعين الرضا والألم ويقول: (( أَبْشِرُوا آلَ عَمَّارٍ، وَآلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الجَنَّةُ ))..رواه الحاكم والبيهقيّ([3])

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم الكريم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا، أما بعد:

أم حَرَام بنت مِلْحان رضي الله عنها – شهيدة البحر:

 أيها الإخوة الأحباب: ها هي بطلة من أبطال الإسلام ومجاهدة مغوارة إنها أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية، من بني النجار أخت الصحابيين الشهيدين حرام وسليم، وخالة أنس بن مالك رضي الله عنهم، وهي زوجة الصحابي الجليل عبادة بن الصامت؛ سيد الخررج وأحد النقباء الإثني عشر الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد اختلف في أمرها فقيل أنها أرضعت الرسول صلى الله عليه وسلم، كما قيل أنها كانت منه ذات محرم من قبل خالاته، لان أم عبد المطلب بن هاشم كانت من بني النجار.

ومع شهيدة البحر المجاهدة الصابرة ذات الهمة العالية و النفس التوقة إلى الشهادة في سبيل الله إنها أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها وأرضاها.................... كان النبيُّ -صلى الله عليه وآله وسلم- يكرمها ويزورها في بيتها، وما كان ذلك إلاَّ لكمالٍ في دينها وصلاحها، وقد ظهر أثر هذا الدين والصلاح في مبادرتها لطلب الدعاء من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن تكون من الغزاة في البحر لما ذكر لها ما عرض عليه في نومه من أناس من أمته، كالملوك على الأسرة، غزاة في البحر، وعودها إلى الطلب لما ذكر لها مثلهم في المرة الثانية حتى قال لها: أنت من الأولين.

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ حَرَامٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا فِي بَيْتِهَا، فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُضْحِكُكَ؟ قَالَ: «عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ مِنْ أُمَّتِي يَرْكَبُونَ البَحْرَ كَالْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «أَنْتِ مِنْهُمْ»، ثُمَّ نَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَيَقُولُ: «أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ»، فَتَزَوَّجَ بِهَا عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، فَخَرَجَ بِهَا إِلَى الغَزْوِ، فَلَمَّا رَجَعَتْ قُرِّبَتْ دَابَّةٌ لِتَرْكَبَهَا، فَوَقَعَتْ، فَانْدَقَّتْ عُنُقُهَا))؛([4])

وبعد أن انتصر المسلمون على الروم، بقيادة معاوية في أسطول بحري مُكوَّن من مائة وعشرين سفينة، وفي طريق العودة إلى بلاد الشام جاؤوا لأم حرام بدابة لتركبها إلى المرفأ، فحاصت الدابة، فسقطت عنها على عُنُقها، فماتت شهيدة رضي الله عنها؛ لتتحقَّق بذلك النبوءة الصادقة للرسول صلى الله عليه وسلم، حيث شاركت أم حرام مع الأوَّلين، واستشهدت بُعيد المعركة، استشهدت أم حرام وكان عمرها حينذاك 86 عامًا، وكان ذلك في عام 29 هـ - 649م، ودُفِنت في نَفْس الموضِع الذي سقطت فيه، والذي يُعرَف باسم "قبْر المرأة الصالحة"، والموجود في مدينة "ليماسول" القديمة القريبة من مدينة لارناكا، ويبقى قبر الصحابية الجليلة في قبرص.

شهيدة كلمة الحق أم علقمة الخارجية :

 وها هي صورة مشرقة تشرق بالثبات تشرق بالإيمان تشرق بالجهر بالحق ولا تخاف في الله لومة لائم إنها تلك المرأة المجاهدة المناضلة التي لا تخاف إلا الله ولا ترجو إلا الله جل في علاه إنها أم علقمة الخارجية كانت في زمن ذلك السفاح السفاك الذي قتل العلماء وعذب الضعفاء فلم ينج من شره أحد حت النساء كانت في زمن الحجاج – عامله الله تعال بما هو أهله-

أسرت أمّ علقمة الخارجيّة وأتي بها إلى الحجّاج فقيل لها: وافقيه في المذاهب فقد يظهر الشرك بالمكر فقالت: قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين.

فقال لها: قد خبطت الناس بسيفك يا عدوة الله خبط العشواء

فقالت لقد خفت الله خوفا صيّرك في عيني أصغر من ذباب وكانت منكسة

فقال: إرفعي رأسك وانظري إليّ

فقالت أكره أن أنظر إلى من لا ينظر الله إليه.

فقال: يا أهل الشأم ما تقولون في دم هذه؟

قالوا: حلال. فقالت: لقد كان جلساء أخيك فرعون أرحم من جلسائك حيث استشارهم في أمر موسى فقالوا أرجئه وأخاه، فقتلها.([5])

صنعتن ما يُعي الرجال صنعيه       فزتن في الخيرات والبركات

 أخيرا :

هؤلاء هن خرّيجات المدرسة النبوية الشريفة، النماذج الكاملة ‏من النساء، فإليهن ينبغي أن تشرئب أعناق المؤمنات اقتداءً وتعلماً هن شموس الهداية تشهد مواقفهن وأعمالهن رضي الله عنهن على المشاركة الفعلية في بناء صرح الأمة؛ تربّين على طلب معالي الأمور، يسامين إخوانهن الرجال في طلب ما عند الله؛ من خلال إزاحة الباطل من مواقعه ثم بناء الحق بصبر وجلَد وتحمل وطول نفَس. لقد نقلت التربية النبوية النساء المؤمنات من اللاشيئية إلى صانعات للمستقبل، محررات للإرادة علت هممهن إلى بلوغ الكمال التربوي والخلقي والعلمي ثم الجهادي فحققن المراد. رضي الله عنهن وأرضاهن

وما التأنيث لاسم الشمس عيبٌ     ولا التذكير فخرٌ للهلال

ولو أن النساء كمن فقدنا           لفُضِّلت النساء على الرجال

فالمرأة المسلمة لم تكن في يوم من أيام عبر تاريخنا المجيد مهملة حبيسة البيت فهي حاضنة الأبطال مربية الأجيال تراها تدافع عن دينها وعن وطنها في معمعت الجهاد تحارب وتصارع من أجل إعلاء كلمة الحق.

عن أم عطية الأنصارية قالت: “غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم، فأصنع لهم الطعام وأداوي الجرحى وأقوم على المرضى”([6])..

الدعاء.................................................

 

 



([1]) - أخرجه البخاري "5418" في الأطعمة: باب الثريد، ومسلم "2421" في فضائل الصحابة: باب فضائل خديجة أم المؤمنين

([2]) - السيرة النبوية لابن كثير (1/ 494)

([3]) - السيرة النبوية لابن كثير (1/ 494)

([4]) - وأخرجه البخاري (2799) و (2800) و (2894) و (2895)، ومسلم (1912) (161) و (162)

([5]) - محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء (2/ 157)

([6]) - صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب النساء الغازيات… الرقم 3484.

علو همة المرأة في طلب الشهادة في سبيل الله.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf