إعلان حق المساواة في حجة رسول الله.pdf
إعلان حق المساواة في حجة رسول الله-r
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
أما بعد:
سكت الزمان وظل صوت محمد كالرعد يقصف في رؤى الظلام
سكت الزمان وظل صوت محمد أملا يحقق أجمل الأحلام
سكت الزمان وظل صوت محمد وترا يجيء بأعذب الأنغام
سكت الزمان وظل صوت محمد سدا يصد مسارب الأجرام
سكت الزمان وظل صوت محمد نورا يضيء على مدى الأيام
سكت الزمان وظل صوت محمد الله أكبر عند كل صدام
✍العنصر الأول: إعلان شعار المساواة في حجة رسول الله
ها هو – صلى الله عليه وسلم- يقف في
أيام التشريق ليعلنها بيضاء نقية ليهدم على الجاهلية جاهليتها و ليقضي على العصبية
و الكبرياء الذي ساد في أرجاء الدنيا فحول العالم إلى غابة يأكل القوية الضعيف و
يظلم الغني الفقير فجاء الرحمة المهداة ليؤسس ميثاق حقوق الإنسان أيا كان لونه و أي كان جنسه و أيا كانت لغته
عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَمَنْ شَهد خُطْبَةَ النَّبِي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أوَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ , قال :
قَالَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، أَلاَ
إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ ، أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ ، وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ ، وَلاَ
أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ ، وَلاَ أَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ ، إِلاَّ بِالتَّقْوَى
ألا هَلْ بَلَّغْتُ ؟
قَالُوا : بَلَّغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ.
✍العنصر الثاني: المساواة في أصل الخلقة
اعلموا عباد الله ان الإسلام
دين جاء ليخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد دين جاء ليذيب الفوارق
الجاهلية فقد قرر الإسلام بشكل قاطع وحدة أصل النوع البشري وذلك في عدة آيات: {يا أيها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً} {يا أيها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ
اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
✍العنصر الثالث: حق المساواة في العدالة:
أيها الاحباب أحباب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- و من
حقوق المساواة المساواة في العدالة و ان الكل أمام شرع الله تعالى سواء فليس هناك
قانون السادة و العبيد الذي يردده البعض في الفترة الأخيرة يقول الله سبحانه و تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ
بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ
وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا
فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ
اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (} [النساء: 135]
وها هو النبي – صلى الله عليه وسلم يعلي شأن المساواة و
العدالة فعن عروة عن عائشة أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا
من يكلم فيها رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فقالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن
زيد حب رسول الله {صلى الله عليه وسلم} فكلمه أسامة فقال رسول الله {صلى الله عليه
وسلم} أتشفع في حدٍّ من حدود الله ثم قام فاختطب ثم قال إنما أهلك الذين قبلكم
أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم
الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها "أخرجه البخاري و مسلم
* ويظل قول عمر رضي الله عنه
في رسالته إلى أبي موسى الأشعري مثلا للإنسانية، إذ يقول يوصيه: "ساو بين
الناس في وجهك وعدلك ومجلسك، حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من
عدلك".
ثم يجيء عمر فيقيم الحد على
ولده في ذنب ألم به، ويأمر بالقصاص من ابن عمرو بن العاص، ويأمر كذلك بالقصاص
للأعرابي الذي لطمه ابن الأيهم، وهو من الأيهم وهو من أمراء الغساسنة أثناء
طوافهما بالكعبة، فيقتص الأعرابي ويلطم الأمير.
✍العنصر الرابع :المساوة في الدعوة إلى الله :
و الناس أمام الداعية إلى الله
تعالى سواء لا يقدم قوما و يؤخر أخرين قال تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ
مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ
فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنعام:52] ..
وَلا تُبعِدُ يَا أيُّهَا
الرَّسُولُ المُؤْمِنِينَ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبًّهُمْ، وَيُصَلُّونَ إلَيْهِ
صَبَاحَ مَسَاءَ، وَيَدْعُونَهُ لاَ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ غَيْرَ رِضَا رَبِّهِمْ
وَمَغْفِرَتِهِ، فَلَيْسَ عَلَيكَ أَنْتَ مِنَ حَسَابِهِمْ مِنْ شَيءٍ، إنَّمَا حِسَابُهُمْ
عَلَى اللهِ، فَإذَا أَبْعَدْتَهُمْ وَطَرَدْتَهُم مِنْ مَجْلِسِكَ كُنْتَ مِنَ
الظَّالِمِينَ .
✍العنصر الخامس: المساواة في تولي المناصب القيادية:
فالإسلام في هذه الناحية لا
ينظر إلى الطبقة ولا إلى الحسب وإنما ينظر إلى الكفاءة فتأمل أحوال أهل الجاهلية
كان أولئك لا يعرفون إلا الفخر
بالأحساب والأمجاد الشخصية، وتمجيد القبيلة ومُعلَّقة عمرو بن كلثوم شاهدة بذلك
والتي يبالغ فيها وصف قبيلته يقول فيها:
ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدرا وطينا
ملأنا البر حتى ضاق عنا ونحن البحر نملأه سفينا
إذا بلغ الرضيع لنا فطاما تخر له الجبابر ساجدينا
وتأملوا عباد الله إلى أحوال
الأمة المستنيرة التي لا تفرق بين حرو عبد أو مولى
أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ
رضي الله عنه اسْتَعْمَلَ نَافِعَ بن عبد الْحَارِثِ على مَكَّةَ فَتَلَقَّاهُ
بِعُسْفَانَ فقال من اسْتَخْلَفْت على الْوَادِي فقال اسْتَخْلَفْت عليهم ابْنَ
أَبْزَى قال وَمَنْ ابن أَبْزَى قال مَوْلًى لنا قال اسْتَخْلَفْت عليهم مَوْلًى
قال يا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى عَالِمٌ
بِفَرَائِضِ اللَّهِ قَاضٍ فقال عُمَرُ إنَّ اللَّهَ عز وجل يَرْفَعُ بهذا
الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ لقد كان عبادة بن الصامت من الصحابة
الأجلاء، أسود اللون، وكان رئيس الوفد الذي أرسله عمرو بن العاص لمفاوضة المقوقس
عظيم القبط، فضاق به المقوقس لسواده وبسط جسمه، فبعث عمرو بن العاص عشرة نفر أحدهم
عبادة بن الصامت وكان طوله عشرة أشبار وأمره عمرو أن يكون متكلم القوم وألا يجيبهم
إلى شيء دعوه إليه إلا إحدى هذه الثلاث الخصال فإن أمير المؤمنين قد تقدم إلي في
ذلك وأمرني ألا أقبل شيئا إلا خصلة من هذه الثلاث الخصال وكان عبادة أسود فلما
ركبوا السفن إلى المقوقس ودخلوا عليه تقدم عبادة فهابه المقوقس لسواده وقال نحوا
عني هذا الأسود وقدموا غيره يكلمني فقالوا جميعا إن هذا الأسود أفضلنا رأيا وعلما
وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورأيه وقد أمره الأمير دوننا
بما أمره وأمرنا ألا نخالف رأيه وقوله # فقال وكيف رضيتم أن يكون هذا الأسود
أفضلكم وإنما ينبغي أن يكون هو دونكم قالوا كلا إنه وإن كان أسود كما ترى فإنه من
أفضلنا موضعا وأفضلنا سابقة وعقلا ورأيا وليس ينكر السواد فينا فقال المقوقس
لعبادة تقدم يا أسود وكلمني برفق فإنني أهاب سوادك وإن اشتد كلامك علي ازددت لك
هيبة فتقدم إليه عبادة فقال قد سمعت
مقالتك وإن فيمن خلفت من أصحابي ألف رجل كلهم مثلي وأشد سوادا مني وأفظع منظرا ولو
رأيتهم لكنت أهيب لهم مني .... فلما سمع المقوقس ذلك منه، قال
لمن حوله: هل سمعتم مثل كلام هذا الرجل قطّ! لقد هبت منظره، وإنّ قوله لأهيب عندى
من منظره؛ " ([1])
عَن أَبِي سَعِيد مَوْلَى
أَبِي أسيد الأنصاري، قَالَ: أتاني نفر من أصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيهم: أبو ذر وحذيفة وابن مَسْعُود، فحضرت الصلاة، فقدموني
وأنا مملوك، فصليت بهم.
فالعلم يرفع العبد المملوك حتى
يجلسه مجالس الملوك، كما ذكر ذلك إبراهيم الحربي قال: ذهب سليمان بن عبد الملك
وابناه إلى عطاء بن أبي رباح، وكان عبداً أسود لامرأة في مكة، وكانت أنفه باقلاء،
وذهبوا يسألونه عن مناسك الحج، وكان يصلي، فلما انفتل -أي: انتهى من صلاته- ظل يرد
عليهم من خلف قفاه -أي: لا يقبل على الخليفة وابنيه- فقال سليمان بن عبد الملك
لابنيه: قوما ولا تنيا في طلب العلم، فلا أنسى ذلنا بين يدي ذلك العبد الأسود.
وروى الحربي كذلك، قال: كان
عنق محمد بن عبد الرحمن الأوقص داخلاً في بدنه، وكان منكباه -أي: كتفاه- خارجين
كأنهما زجان، فقالت له أمه: إنك لا تكون في مجلس قوم إلا كنت المضحوك منهم
والمستهزأ به، فعليك بالعلم فإنه يرفعك، قال: فولي قضاء مكة عشرين سنة، أي: أنه
طلب العلم حتى صار قاضي مكة عشرين سنة.
قال: وكان الخصم إذا جلس أمامه
بين يديه يظل يرعد حتى يقوم؛ لما ألقى الله عز وجل عليه من مهابة العلم.
✍العنصر السادس: المساواة بين الرجل والمرأة
✍المساواة بين الرجل والمرأة
و الإسلام جاء لمنح المرأة
حقوقا لم تعرفها من ذي قبل بل حتى في زمن العولمة و في زمن المناداة الكاذبة بحقوق
المرأة لقد أصبحت المرأة رخيصة في عصرنا هذا حتى أن نخاسي الدعارة في زمننا هذا لم
يجعلوا لشرفها و عرضها قيمة فأصبحت المرأة تعلن عن السلع عب الإعلانات و الشاشات و
قد باعت كرمتها من اجل سله ربما لا تساوي جنيهات
هيا لنرى قمة المساواة في شرع
رب الأرض و السماوات
✍التسوية في أصل الخلق
التسوية بين الرجل والمرأة في
أصل الخلق، لا فرق إطلاقاً، الإسلام دين عدل، والخالق لهذا الكون واحد، وهو العادل
سبحانه وتعالى الرحيم، فلا فرق بين الرجل والمرأة في الدنيا في أصل الخلق.
وهذه التسوية في أصل الخلق،
قال تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } [النساء:1].
✍التكريم في العمل.
و اعلموا زادكم الله علما و
فهما أنه لا فرق بين رجل وامرأة في ثواب الأعمال، بل ربما امرأة مستقيمة طائعة لله
تعدل عند الله ملايين الرجال الذين لا يعرفون للدين حرمة، ولا للطاعة صداقة، قال
تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النحل:97].
✍المساواة والتكريم في استجابة الدعوة الصالحة من الرجل والمرأة على حد
سواء:
بل إذا دعت المرأة ربها بقلب
حاضر -مثلاً-ودعا رجل ربه بقلب لاه، فإن الله يستجيب لها ولا يستجيب له، لقوله
تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ
عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } [آل
عمران:195]، هذا على مستوى الدنيا، فهذه تسوية كاملة.
✍التسوية والتكريم في العقل والعقيدة:
التسوية والتكريم في العقل
والعقيدة، تكريم في العقيدة للمرأة في منتهى الحرية والإطلاق، لقوله تعالى: { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ
فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
وَنَجِّنِي مِنَ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }
[التحريم:11]، كأنها تريد أن تقول لفرعون: إذا كنت أنت ملكت الدنيا، فإنك
لم تملك قلبي، ولم تملك عقلي، ولم تملك عقيدتي، فإن قلبي وعقلي وعقيدتي ملك لله رب
العالمين.
✍العنصر السابع: التفاضل سنة ربانية:
أمة الإسلام: و لكن لابد أن
نعي أن هناك أنواعا من التفاضل أقرها الإسلام و أوضحها لنا العليم الخبير فهو
سبحانه وتعالى {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ
يُسْأَلُونَ }[الأنبياء : 23 ] فليس لأحد حق الاعتراض على الله جل وعلا
لماذا فضل جنس على آخر ؟ ! ولماذا المسلم أفضل من الكافر ؟! ولماذا الحر أفضل من
العبد ؟!....فإن تعالى يقول {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا
يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى
عَمَّا يُشْرِكُونَ }[القصص : 68 ] فالله عز وجل اختار من البشر أنبياء
ورسلا وجعل أفضلهم محمدا وجعل أفضل الملائكة جبريل عليه السلام وأفضل الأماكن مكة
وأفضل الكتب القرآن ... {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ
وَهُمْ يُسْأَلُونَ }[الأنبياء : 23]
* وهذا التفاضل من سنن الله سبحانه
وتعالى في هذا الكون ولو أن جميع المخلوقات متساوية لما أمكن العيش قال تعالى { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا
بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ
فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ
رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [الزخرف : 32 ]وقال تعالى {انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } [الإسراء : 21 ]
وقال عز وجل { وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا
دَاوُودَ زَبُوراً } [الإسراء : 55] بل حتى الثمار جعل الله بينها تفاضلا
قال تعالى { وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ
وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ
يُسْقَى بِمَاء وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [الرعد : 4 ]
فمن يريد أن يغير سنن الله
فمصيره الفشل ولقد جرب غيرنا من الأمم مخالفة سنن الله فكان النتاج فوضى عارمة؛
لأن الله يقول { سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا
مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }[الأحزاب : 62 ].
كما راينا في حالة الشيوعية
البائدة و الاشتراكية الفاسدة
✍العنصر الثامن: ميزان التفاضل في الإسلام
أمة الإسلام كما تعرفنا أن
الإسلام لم يفرق بين الناس من جهة ألوانهم
أو قبائلهم أو أجناسهم بل جعلهم سواء في الكرامة الإنسانية وسواء في التكاليف
الشرعية وسواء في الجزاء والحساب
أما ما يتعلق بفعل الإنسان أو
ما يليق به فنجد أن الإسلام فرق بينهم من أجل إقامة العدل وهذا التفريق يرجع
لسببين .
الأول - تفاوتهم في الانقياد
لأمر الله من حيث الأصل أي أصل الإسلام من عدمه ففرق بين المسلم والكافر وما يترتب
على ذلك كالرق ونحوه أو من حيث الكمال أي كمال تمسكهم بالدين فالمسلمون ليسوا على
درجة واحدة فمنهم الطائع ومنهم العاصي ومنهم الأمين ومنهم الخائن وهلم جرى قال
تعالى {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِين *
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ }[القلم :35/ 36 ] وقوله تعالى { ولاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ
مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ
الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ
وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى
الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } [البقرة : 221 ] وكما أن الشرع قرر هذا
التفاضل فإن العقل يقرره أيضا لأن كل مسلم سلمت فطرته من الانجراف وراء الشعارات
البراقة والدعايات الزائفة يعلم إن من يوحد الله عز وجل ليس كمن ينسب له الصاحبة
والولد ومن لطائف ما ذكر في ذلك ما حدث للقاضي أبي بكر الباقلاني لما دخل على
طاغية الرومِ فقال لراهبهم كيفَ الأهلُ والأولادُ ؟ فقال المَلِكُ مَهْ أما علمتَ
أنَّ الراهبَ يتنزّه عن هذا؟
فقال: تُنزِّهُونه عن هذا، ولا
تُنَزِّهون ربَّ العالمين عن الصاحبة والولد !!.( [2])
فبهت الذي كفر !!
إن كل عاقل يدرك أن من يعبد
الله ليس كمن يكفر به وأن من يطيع الله ليس كمن يعصيه فإذا فضل الله بعضهم على بعض
فهذا عين العدل .
* قال في تفاضلهم من حيث كمال
الانقياد ونقصانه { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا
خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ
عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات : 13 ] وقوله تعالى {
أًمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أّن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاء مَّحْيَاهُم وَمَمَاتُهُمْ سَاء مَا
يَحْكُمُونَ }[الجاثية : 21 ]
وقال تعالى { لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ
أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ
عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ
الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً } [النساء : 95 ]
ففي هذه الآيات وأمثالها نجد أن التفاضل لا يكون بسبب لونه الشخص أجنسه وإنما من
حيث إيمانه وكفره وطاعته ومعصيته ولهذا قال النبي صلى الله عليه سلم " إن
الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" رواه مسلم
والثاني - ما يناسب كل جنس
فكما أن الله فرق بين الذكر والأنثى في الخلقة وفضل بعضهم على بعض كما في وقوله
تعالى {ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى } [آل عمران : 36]
وقوله { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا
فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ
}[النساء : 34 ]
فمن العدل أن يكلف كل جنس بما يناسبه ويكون في مقدوره
ويصلح له { أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ
وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك : 14 ] ولذا قال جلا وعلا {وَلاَ
تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ
نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ
وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
}[النساء : 32 ]
ثم إن هناك فوارق بين الذكر والأنثى في الخلقية اقتضتها
حكمة الله فالمرأة تحيض وتحمل وتلد وترضع فهل يستطيع دعاة المساواة أن يسووا بين
الجنسين في هذه الأمور ؟!! فالذي خلق هو الذي شرع.
الدعاء
تعليقات
إرسال تعليق