خطبة عشر آيات كونية من الآيات القرآني.pdf



عشر آيات كونية من الآيات القرآنية

الشيخ السيد مراد سلامة

الخطبة الأولى

 

الحكمة من الآيات الكونية:

في القرآن الكريم ما يزيد على ألف آية تتحدث عن معالم هذا الكون، وتذكر مفرداته من السماوات والأرض، والشمس والقمر، والكواكب والنجوم، والجبال والبحار والأنهار، والمطر والرعد والبرق[1] .

وهذه الآيات الكونية وما تدل عليه من حقائق علمية، لم تذكر في القرآن الكريم لمجرد الذكر، أو من أجل بيانها للناس ودلالتهم عليها ابتداءً، وإنما هي سيقت مساقا تابعا للغرض والهدف الذي ذكرت في ثناياه، من الاستدلال بها على قضايا كبرى: كالألوهية والنبوات والبعث[2] .

فهذا الكون وعجائبه وتنوعه علامات بينة تثبت قدرة الله وحكمته ووحدانيته لمن يتفكر ويتدبر.

قال ابن القيم -رحمه الله- في بيان الحكمة من هذه الآيات الكونية: " ولهذا يستدل سبحانه في كتابه بالحوادث تارة، وباختلافها تارة، إذ هذا وهذا يستلزم ربوبيته وقدرته واختياره، ووقوع كل الكائنات على وفق مشيئته، فتنوع أفعاله ومفعولاته من أعظم الأدلة على ربوبيته وحكمته وعلمه" ...

ثم قال: "والمقصود أن تنويع المخلوقات واختلافها من لوازم الحكمة والربوبية والملك، وهو أيضا من موجبات الحمد، فله الحمد على ذلك كله أكمل حمد وأتمه أيضا"[3] .

يا رب هذا العصر أَلْحَدَ عندما         سخرت يا ربي له دنياك

ما كان يطلق للعلا صاروخه        حتى أشاح بوجهه وقلاك

أومآ درى الإنسان أن جميع ما       وصلت إليه يداه من نعماك

لله في الآفاق آيات             لعل أقلها هو ما إليه هداك

ولعل ما في النفس من آياته       عجب عجاب لو ترى عيناك

والكون مشحون بأسرار إذا        ما حاولت تفسيرا لها أعياك

وإذا ترى الجبل الأشم مناطحا      قمم السحاب فسله من أرساك

وإذا ترى صخرا تفجر بالمياه     فسله من بالماء شق صفاك

وإذا رأيت النهر بالعذب الزلال      جرى فسله من الذي أجراك

وإذا رأيت البحر بالملح الأجاج      طغى فسله من الذي أطغاك

وإذا رأيت الليل يغشى داجيا    فاسأله من يا ليل حاك دجاك

وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحيا     فاسأله من يا صبح صاغ ضحاك

سيجيب ما في الكون من آياته     عجب عجاب لو تر عيناك

ربي لك الحمد العظيم لذاتك     حمدا ليس لواحد إلاك

يا أيها الإنسان مهلا ما الذي      بالله جل جلاله أغراك

فاسجد لمولاك القدير فإنما     لا بدّ يوما تنتهي دنياك

وتكون في يوم القيامة ماثلا       تجْزى بما قد قدمته يداك

قال جل وعلا: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [آل عمران: 190]. إنها دعوةٌ إلى التدبر في الكون وتأمّل مدى دقته وتناسق نواصيه وأجزائه.

عباد الله، إن الخالق عز وجل بمنه وكرمه وفضله قد أظهر لنا آياته في كتاب منظور نراه ونحسّ به، وكتاب نرتّله ألا وهو القرآن الكريم بآياته وعظاته، الذي يَعْمد إلى تنبيه الحواسّ والمشاعر وفتح العيون والقلوب إلى ما في هذا الكون العظيم من مشاهد وآيات، تلك التي أفقدتها الأُلفة غرابتها، وأزالت من النفوس عِبرتها، قال عز وجل: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ.... [ص: 29] وقال: ﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ... [يونس: 101].

الآية الأولى: بيان نشأة الكون: إخوة الإسلام نقف مع آية تحدثنا عن نشأة هذا الكون و تخبرنا عن بدايته يقول الله الله سبحانه وتعالى: { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30]

وفي هذه الاية يقول المفسرون بأن السماوات والأرض كانتا في بدء خلقهما ملتصقتين ثم فصلهما الله سبحانه وتعالى عن بعضهما البعض والآية الكريمة تعد من عجائب الإعجاز العلمي في القرآن لأنها سبقت معطيات علماء الفلك المحدثين من أن الكون كله كان كتلة واحدة في أبسط صور التجمع وذلك قبل أن يصبح على وضعه الحالي، ثم حدث الفتق والانفصال بين أجزاء هذه الكتلة ونشأت الأجرام السماوية – بما فيها الأرض التي نعيش عليها.. وهم حتى الآن لا يدرون بالضبط كيف حدث هذا

وواضح أن السماوات – بالجمع لا بالإفراد هي والأرض تشمل الكون كله في حالته السديمية الأولى قبل أن تتخلق سموات وأرضين، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في سورة الطلاق: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا } [الطلاق: 12] ونقول لمنكري الإعجاز العلمي بالقرآن الكريم: عقلوا وتدبّروا !!

الآية الثانية بيان حالة الفضاء وما فيه من ظلام دامس:  إخوة الإسلام: إن القران الكريم كتاب رب العالمين الذي خلق الخلق و أوجد الأشياء من عدم و ها هو سبحانه يخبرنا عن حقيقة قرآنية و عن آية كونية أخرى  لا يملك المسلم أمامها إلا أن يسجد لله تعالى يقول  الله سبحانه وتعالى و هو يحدثنا عن الفضاء الجوي {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [الحجر: 14، 15] ، يشير إلى صعود الإنسان في الفضاء وإلى بعض ما يشاهده في الفضاء الكوني ومعنى ( سكّرت أبصارنا ) هو سدت ومنعت عن الإبصار وفي هاتين الكلمتين إشارة علمية إلى الظلام الدامس الذي يخيّم على الفضاء الكوني، لتصبح العيون غير قادرة عل الرؤيا، وكأنها ممنوعة من الإبصار

ومعنى ( نحن مسحورون ) :هو على غير طبيعتنا، وفي ذلك إشارة إلى ما يواجهه الإنسان وهو في الفضاء الكوني من أحوال غير مألوفة: كمنظر الأجرام السماوية بأحجامها وألوانها المغايرة لما هو مألوف على الأرض، وكمنظر المذنبات السابحة في السماء بذيولها وألوانها، بالإضافة إلى الشعور بانعدام الوزن، وضيق الصدر، وانعدام سماع الصوت، وتأثير الأشعة الكونية المنتشرة في الفراغ.. إلى غير ذلك من المتغيرات التي يقابلها الصاعدون في السماء، يظنون أنهم قد سُحروا وهذا ما يشعر به ويشاهده روّاد الفضاء الذين يصعدون في السماء

وبهذا تكون الآية الكريمة قد أشارت إجمالاً إلى ما يحدث لأهل الأرض عندما يصعدون في الفضاء الكوني وهو ما لا يمكن إدراكه إلا لمن صعدوا فعلاً، ولذلك فإن وجود هذه الإشارات العلمية وأمثالها بالقرآن الكريم إنما هو من قبيل الإعجاز العلمي لهذا الكتاب الموحى به من عند الله العليم الخبير على رسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  ونقول للمتخوّفين والمتحفّظين:اقبلوا ولا تترددوا

الآية الثالثة: بيان حالة الإنسان عند الصعود إلى الفضاء: قول الله سبحانه وتعالى {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125]

جاء على سبيل الهداية، وهذا من مقاصد القرآن الأساسية – ولكن هذه الآية حملت إشارة علمية في قوله تعالى { يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ } والحقيقة العلمية التي يشير إليها النص القرآني وهي ( ضيق الصدر ) أصبحت من المعارف المؤكدة علمياً وتجريبياً في طب الفضاء، وأول ملاحظات عنها كانت بعد ما يزيد عن ألف سنة من نزول القرآن، والسؤال المطروح هو: كيف استطاع هذا النبي الأمّيّ ( سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم  ) وهو الذي عاش كبقية مجتمعه بعيداً عن حياة الجبال الشاهقة، أن يصف ظاهرة تصعد الإنسان في الفضاء وما يصاحبها من ضيق شديد في الصدر ؟ لابد أن يكون الجواب هو أن القرآن الذي جاء به ذلك النبي الأمّيّ صلى الله عليه وسلم وحياً من الخلاق العليم، وأن ما بالقرآن من إشارات علمية هو ولا شك من إعجازه

الآية الرابعة البحر المسجور: معاشر الموحدين: من الحقائق و الآيات القرآنية و الكونية ما اخبرنا به ربنا سبحانه وتعالى  عن البحر السجور قال الله سبحانه وتعالى: { وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ } [الطور: 6]

عندما تطلع على أقوال المفسرين القدامى تجدهم يصرف المفسرون الآية إلى أحداث يوم القيامة، وقالوا: البحر الملتهب، كما إنهم صرفوها إلى أحداث الدنيا وقالوا: البحر الممتلئ بالماء والصواب هو أن الآية عن أحداث الدنيا، لأن الآيات التي سبقتها كلها عن أشياء في الدنيا قبل الآخرة: فطور سيناء – والقرآن – والبيت المعمور في السماء – وسقف السماء المرفوع، الواردة بالآيات الخمسة السابقة لتلك الآية، كلها موجودة حالياً، فإذا أخذنا بتفسير ( البحر الملتهب ) وذلك لمن جعل ( المسجور ) بمعنى الملتهب، يكون بالآية إشارة علمية إلى حقيقة كونية لم تعرف إلا حديثاً ( وهي المياه الملتهبة في قاع المحيطات ) ولم يبدأ العلماء في دراسة قاع المحيطات إلا منذ عام 1920م بعد اختراع أجهزة الغطس، ولم يتمكنوا من دراسة قاع المحيطات العريقة إلا في أوائل النصف الثاني من القرن العشرين الميلادي، بعد اختراع أجهزة التصوير في أعماق البحار، ولقد وجدوا بقاع كثيرة من المحيطات العميقة عبارة عن براكين متفجرة باللهب وإذا استبعدنا المعارف البشرية لهذه الظاهرة البحرية المتمثلة في البحار الملتهبة تصبح هذه المعلومات من مصدر غير بشري، ولا تكون إلا وحياً من الله سبحانه وتعالى أنزله بعلمه في القرآن الكريم.. وفي هذا دليل على إعجازه العلمي

الآية الخامسة البرزخ بين الملح و العذب:  و من الآيات الدالة على قدرة القدير جل جلاله ما نراه و نشاهده في التقاء البحرين العذب و المالح و نرى ان هذا لا يطغى على ذلك يقول قول الله سبحانه وتعالى {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [الرحمن: 19، 20]) يقول فيه المفسرون: أرسل الله سبحانه وتعالى البحر المالح والعذب متجاوران، ويلتقيان ولا يمتزجان بسبب حاجز بينهما من صنع الله سبحانه وتعالى

وقد تم اكتشاف الحواجز بين البحار المالحة عند الالتقاء، وكذلك عند منطقة التقاء البحر المالحة مع مياه الأنهار العذبة، وأصبحت تلك الحواجز حقيقة علمية جرى تحديدها وتصويرها ومعرفة طبيعتها، وتبيّن أنها عبارة عن حاجز مائي يتكون من اختلاط ماء البحرين عند الالتقاء وهو الحافز الذي يقوم بمنع امتزاج ماء البحرين، سواء كان بحراً مالحاً يلتقي مع بحر مالح، أم كان بحراً عذباً يلتقي مع بحر مالح

أليس ذلك من عجائب الإعجاز العلمي للقرآن الكريم.. وماذا يقول المنكرون للإعجاز العلمي عن هذا الدليل وغيره من الأدلة التي سبق ذكرها ؟! ونقول للمتخوّفين: أليس في منهاج دراسة العلماء للإعجاز العلمي وما يقدمونه من دراسات:ما يطمئنكم ويقنعكم بأنهم يضيفون الجديد في فهم الآيات القرآنية

الآية السادسة بيان أن من مهام الرياح أنها لواقح : و من الآيات  الكونية والقرآنية  تلك المعجزة التي اخبرنا عن العليم الخبير جل في علاه أن من مهام الرياح أنها تقوم بعملية التلقيح يقول الله سبحانه {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [الحجر: 22] فيه إشارة علمية إلى تدخُّل الرياح في تلقيح الزروع، وذلك يكون بنقل حبوب اللقاح إلى الأعضاء المؤنثة في الأزهار ولم يفطن أحد من المفسرين إلى دور الرياح في تلقيح السحب لإنزال المطر كما لم يعرف ذلك على وجه الحقيقة العلمية إلا حديثاً

وقد اكتشف العلماء دور الرياح في تلقيح السحب بأنوية التكاثر من الغبار أو الملح أو قطرات ماء البحار، والجمع بين السحاب وكهربائيته السالبة وكهربائيته الموجبة، فيما يشبه التلقيح، وكل ذلك يترتب عليه سقوط المطر.... ولهذا فتقليح السحب هو الأقرب إلى فهم المقصود في قوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} وليس تلقيح الزروع كما كان يظن المفسرون القدامى والسياق في النص يؤكده ذلك المعنى، فالتلقيح هنا يتبعه نزول المطر من السماء، أي أن التلقيح هنا للسحب وليس للأزهار والأشجار، كما أن تاء السببية في كلمة (فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) دليل آخر على ذلك المعنى

الآية السابعة الإعجاز العلمي في مراحل خلق الجنين يقول الله سبحانه وتعالى {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } [المؤمنون: 12 - 14]

لقد نال خلق الإنسان اهتماماً كبيراً من القرآن الكريم، وجاءت به إشارات علمية في هذا الموضوع على جانب من الأهمية وهي تمثل حقائق عن تكوين الجنين وعن أطواره داخل الرحم، لم تكن معروفة إلى وقت قريب، وكانت كل المعلومات عن تكوين الجنين مغلوطة حتى القرن العشرين ففي القرن السابع عشر الميلادي كان المعتقد أن الإنسان يخلق خلقاً كاملاً في الحيوان المنوي للرجل على صورته الإنسانية، أي أنه لا يمر بأطوار في رحم الأم.. وفي القرن الثامن عشر عندما اكتشف العلماء بويضة المرأة قالوا:إن بويضة المرأة هي التي خلق فيها الإنسان كاملاً..

وأخيراً جاء العلم الحديث ليعطي المعلومات الدقيقة عن تكوين الجنين ومراحل تطويره والتي جاءت مطابقة لما ورد بآيات القرآن الكريم، وليعلن على لسان العلماء سبق القرآن وإعجازه العلمي...... والآية القرآنية السابقة الذكر تشير إلى المراحل البيولوجية لخلق الإنسان منذ أن يكون نطفة إلى أن يصبح إنساناً كاملاً.

وقد حظيت هذه الآية القرآنية – ونظائرها التي تناولت خلق الإنسان – باهتمام كبير من جانب كبار علماء الأجنة العالميين – مسلمين وغير مسلمين – نظراً لما بها من حقائق علمية بارعة جاءت بأدق العبارات والكلمات، وقاموا بمناقشة الطرح القرآني لموضوع الأجنة من خلال أبحاثهم التي حررها على ضوء تلك الآية القرآنية، ولم يسعهم إلا أن يعلنوا إعجابهم وتقديرهم بالإشارات العلمية التي جاءت بها، واعترفوا بالإعجاز العلمي للقرآن الكريم

وهذا هو واحد من مشاهير علماء الأجنة – الأستاذ الدكتور / كيث مور – الذي يعتبر واحداً من أشهر ثمانية في العالم في ذلك العلم، يلقي عدة محاضرات بعنوان ” مطابقة علم الأجنة لما في القرآن والسنة ” كما يقوم بتأليف كتاب دراسي في علم الأجنة يستخدم فيه الكلمات القرآنية: نطفة – علقة – مضغة – اعترافاً منه بالدقة العلمية الفائقة لهذه الكلمات

وإلى المعارضين نوجه النداء بالاقتداء بأولئك العلماء الذين حكموا العقل واحتكموا إلى العلم وتجردوا من الهوى والتزموا بالإنصاف. !!

الآية الثامنة الإعجاز العلمي في بيان خلق السمع قبل البصر : إخوة الإسلام و من الآيات المعجزة التي تدل على إعجاز القران الكريم تلك الآية التي يحدثنا الله فيها عن نعمة السمع و البصر و الفؤاد نجد أن الله تبارك و تعالى قدم السمع على البصر فيقول سبحانه وتعالى {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78]و {ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ } [السجدة: 9]

من المعلوم أن السمع يذكر مقدماً على البصر في أكثر الآيات القرآنية التي جاء ذكرها فيها وهناك حقيقتان علميتان تفسران سبق السمع للبصر:

أما الحقيقة الأولى: فقد أثبتتها كشوف علم الأجنة، وهي أن جهاز السمع يتطور في الجنين قبل جهاز البصر ويتكامل وينضج حتى يصل إلى حجمه الطبيعي في الشهر الخامس من حياة الجنين، في حين لا يتكامل نضج العينين إلا بعد الولادة والجنين يسمع في بطن أمه – وبالتحديد في الشهر الخامس من حياته الجنينية – في حين لا يستطيع الإبصار إلا بعد ولادته، أي تتطور وتنضج كل المكونات العصبية لحاسة السمع قبل نضج مثيلاتها البصرية بفترة طويلة نسبياً

وأما الحقيقة الثانية: وهي أن مراكز السمع توجد بالمخ في موضع متقدم عن مراكز البصر

الآية التاسعة الجلد هو مركز الإحساس: إخوة الإسلام: ومن الإعجاز العلمي في القران الكريم أن الله سبحانه بين لنا حقيقة علمية لم يكتشفها العلم الحديث إلا قر يقول سبحانه وتعالى {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 56]

في الآية إشارة علمية إلى أن الأعصاب التي تحس بالحرارة موجودة تحت الجلد مباشرة، بحيث إذا احترق الجلد انتهى الإحساس بالألم تماماً، وهذه حقيقة لم يعرفها العلم إلا حديثاً وبهذه الإشارة العلمية فإن أستاذ التشريح العالم “تاجاسن” شهد بمعجزة القرآن وأعلن إسلامه في المؤتمر الطبي السعودي في سنة 1982م

أقول قولي هذا و استغفر الله لي و لكم

الخطبة الثانية

أما بعد: .....................

الآية العاشرة بيت العنكبوت: أمة الإسلام إن من الآيات القرآنية التي تبين لنا عظمة القران وأنه كتاب رب العالمين تلك الآية التي تتحدث عن العنكبوت وعن بيته وأن أوهن البيوت بيت ذلك الكائن فلماذا هي أوهن البيوت؟ وما هو وجه الإعجاز العلمي في الآية؟   

الجواب :يقول تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لبيت العنكبوت لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) سورة العنكبوت: 4} مازالت هذه الآية تحيِّر العلماء والباحثين، قديمًا وحديثًا، فالقرآن الكريم قد أخبر أن أوهن البيوت على الإطلاق هو بيت العنكبوت، و قد أثبت العلم الحديث أن بيت العنكبوت منسوج من أقوى الخيوط، التي تستطيع مقاومة الرياح العاتية، ويمسك في نسجه فرائس العنكبوت، من الحشرات، التي هي أكبر من العنكبوت دون أن يتخرَّق. وهذه ‏الحقيقة يستطيع الإنسان أن يكتشفها بنفسه؛ حيث يمكنه بسهولة إزاحة بيت العنكبوت بسبب وزنه ‏الخفيف، ولكن يصعب عليه قطعه، أو تغيير شكله الهندسي الدقيق!

الوهن المعنوي : ‏ أن بيت العنكبوت من الناحية المعنوية هو أوهن بيت على الإطلاق لأنه بيت محروم من معاني المودة والرحمة التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد‏،‏ وذلك لأن الأنثي في بعض أنواع العنكبوت تقضي على ذكرها بمجرد إتمام عملية الإخصاب وذلك بقتله وافتراس جسده لأنها أكبر حجما وأكثر شراسة منه‏،‏ وفي بعض الحالات تلتهم الأنثي صغارها دون أدني رحمة‏،‏ وفي بعض الأنواع تموت الأنثي بعد إتمام إخصاب بيضها الذي عادة ما تحتضنه في كيس من الحرير‏،‏ وعندما يفقس البيض تخرج العناكب ‏ فتجد نفسها في مكان شديد الازدحام بالأفراد داخل كيس البيض‏،‏ فيبدأ الإخوة الأشقاء في الاقتتال من أجل الطعام أو من أجل المكان أو من أجلهما معا فيقتل الأخ أخاه وأخته‏،‏ وتقتل الأخت أختها وأخاها حتي تنتهي المعركة ببقاء عدد قليل من العناكب التي تنسلخ من جلدها‏،‏ وتمزق جدار كيس البيض لتخرج الواحدة تلو الأخرى‏،‏ والواحد تلو الآخر بذكريات تعيسه‏،‏ لينتشر الجميع في البيئة المحيطة وتبدأ كل أنثي في بناء بيتها‏،‏ ويهلك في الطريق إلي ذلك من يهلك من هذه العنيكبات‏.‏ ويكرر من ينجو منها نفس المأساة التي تجعل من بيت العنكبوت أكثر البيوت شراسة ووحشية‏،‏ وانعداما لأواصر القربى‏،‏ ومن هنا ضرب الله تعالى به المثل في الوهن والضعف لافتقاره إلي أبسط معاني التراحم بين الزوج وزوجه‏،‏ والأم وصغارها‏،‏ والأخ وشقيقه وشقيقته‏،‏ والأخت وأختها وأخيها‏.! قام أحد العلماء بدراسة طبيعة البيت العنكبوتي من الداخل فوجد أن الذكر بعد أن يقوم بتلقيح الأنثى تقوم الأنثى بافتراسه وتتغذى على لحمه طيلة فترة الحضانة للبيض وبعد أن يفقس البيض تتغذى اليرقات على أضعفها ثم بعد أن يقوى ويشتد عود ما تبقى من الصغار تقوم بأكل أمها لأنها أصبحت أضعف الموجود ثم يلقح الذكر الأنثى ثم تقوم بأكله وهكذا دواليك. ومن هنا فإن الضعف في بيت العنكبوت في ضعف الترابط الأسري بين أعضائه.

 أخيرا أيها الكرام فهذه أمثلة قليلة عن آيات الله - عز وجل - في النفس وفي الكون من حولنا، والتي تقود كلَّ صاحب فطرة صحيحة وقلب سليمٍ وعقل سويٍّ - إلى الإيمان برب هذا الكون العظيم، ولِمَ لا وهو الذي أمرنا بالنظر والتفكُّر، فقال تعالى: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت: 53]؟!

فسبحانه مَن خلَق الخلق ودلَّهم عليه، وصلى الله على خير مَن بلَّغ عن ربِّه وعلى آله وصَحبه وسلم.

الدعاء .....................................

 

 

 

 



[1] -عناية المسلمين بإبراز وجوه الإعجاز في القرآن الكريم لمحمد السيد راضي جبريل

[2] -سمات الآيات الكونية الواردة في القرآن الكريم للشيخ ناصر الماجد،

[3] -طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم

خطبة عشر آيات كونية من الآيات القرآني.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf