تحذير الصفوة من أدران الغفلة.pdf
تحذير الصفوة من أدران الغفلة
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي جعل الليل
والنهار خِلْفَة، ورفع عنَّا الكلفة، وأمرنا بالمودة والألفة، وحذَّرنا من الغفلة،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أمرنا بالاتباع، ونهانا عن الابتداع،
وحذَّرنا من الضياع، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله الذي أرضى ربه وجاهد نفسه
وحفظ وقته، صلى الله وسلم عليه كلما دامت الأُلفة، وحوربت الغفلة.
و بعد:
الغفلة سلطان إبليس على القلوب..
وفرحته التي يجدها من الخلق..
أخي المسلم: لقد عمَّت نار
الغفلة.. حتى أصبح أكثرهم يعيش عيش البهائم! وقليل أولئك الذين عرفوا الغاية التي
خُلقوا من أجلها.. فسعوا إلى تحقيقها؛ فسلموا من شرور الغفلة..
أخي المسلم: لقد استفحل داء
الغفلة.. وكُثر أصحابه في كل مجمع وفي كل مكان!
✍الغفلة هي: الانغماس
في الدنيا والشهوات ونسيان الآخرة فيجتهد الغافل في تعمير الدنيا الفانية وتخريب
الآخرة الباقية يقول الله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ
حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ * مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم
مُّحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ * لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}... (الأنبياء
: 1 – 3).
فالغافل يريد أن يعيش عاملا علي
إشباع شهواته، حريصا ألا يتعب جسمه إلا في شهوته.. حريصا علي ألا يفقد شيئاً من
ماله إلا في ملذاته، حريصا علي ألا يفقد لحظة من عمره إلا وهو مستريح هادئ حتى ولو
علي حساب دينه، فهو يريد أن يعيش متمتعا بحياته علي أقصي درجة.. هذا نوم القلب...
لأن القلب اليقظ يعلم أنه لم يخلق في هذه الدنيا لينغمس فيها وينسى آخرته.. وأن
هذه الدنيا قنطرة إلى الآخرة، وأن لذاتها مكدرة.. نعمها منغصة، فليست هناك لذة
خالصة بدون تنغيص.. أما اللذات بدون تنغيص ففي الآخرة، ولذلك لما سئل الإمام أحمد
متى الراحة ؟ قال عند وضع أول قدم في الجنة .
✍العنصر الأول عقوبات الغافلين : أخي المسلم إن للغفلة آثارا مدمرة على سعادة الإنسان في الدنيا و
الآخرة و إليك طرفا منها حتى تحذرها و تحذر منها كل مسلم و مسلمة
1- أنها سبب
الهلاك: اعلم زادك الله علما :أنه ما هلك القرون
الخوالي إلا بغفلتهم عن الله تعالى و عن مصيرهم الأخروي اسمع إلى كلام الرب العلي
جل جلاله قال الله تعالى مبينا هلاك الغافلين {فَلَمَّا
كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ
يَنْكُثُونَ (135) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ
بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ}
لماذا أهلكتهم يا رب العالمين ؟
الجواب: لأنهم من الغافلين
2- عدم الانتفاع
بالآيات وعدم الاتعاظ بالهالكين :
من أصيب بالغفلة الكاملة خُتِمَ
على قلبه، وسمعه، وبصره، وكان أضل من الحيوان، والأنعام، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ
وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا
يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (سورة الأعراف،
الآية: 179.). فهم لا ينتفعون بشيء من هذه الجوارح التي جعلها الله سبباً
للهداية، فقلوبهم لا يصل إليها فقه ولا علم، وأعينهم لا ينتفعون بها فلا يبصرون
آيات الله، وآذانهم لا يسمعون بها ما ينفعهم، كما قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا
أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ
شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا
بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} (سورة الأحقاف، الآية: 26.). وقال تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ
عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ} (سورة البقرة، الآية: 18.). وقال تعالى: {صُمٌّ
بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} (سورة البقرة، الآية: 171.). ولم
يكونوا صمّاً، ولا بكماً، ولا عمياً إلا عن الهدى، كما قال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ
أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} (سورة الأنفال، الآية: 23.). وقال
تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ
إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} ( وقال تعالى: {لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي
فِي الصُّدُورِ}
فالغافل عبد الله لا ينفع فيه
وعد و لا وعيد و لا تخويف ولا ترهيب لان الله تعالى ختم على قلبه و سمعه و جعل على
بصره غشاوة
3- الغفلة بواب
الدخول إلى التكذيب بالآيات و بالوعد و الوعيد
و اعلم بارك الله فيك- : أن
الدافع إلى تكذيب الرسل و عدم الإيمان بالمعجزات إنما هو الغفلة قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا
وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا
سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} (سورة الأعراف، الآية: 146.)، فالسبب
التكذيب والغفلة، فالغفلة قرينة التكذيب بآيات الله تعالى.
قال العلامة السعدي رحمه الله:
((فردهم لآيات الله وغفلتهم عما يُراد بها، واحتقارهم لها، هو الذي أوجب لهم من
سلوك طريق الغي، وترك طريق الرشاد ما أوجب)) ([1])
4- : الغفلة صفة
من صفات أهل النار:
الرضا الدنيا و الركون إلى
زخرفها صفة من صفات الأشرار الذين أعد الله تعالى لهم النار قال الله تعالى: {إِنَّ
الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ
مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (سورة يونس، الآيتان: 7, 8.). فهذه
حال الأشقياء الذين كفروا بلقاء الله يوم القيامة، ولا يرجون في لقائه شيئاً،
ورضوا بهذه الحياة الدنيا واطمأنت إليها نفوسهم، وهم غافلون عن آيات الله الكونية،
فلا يتفكرون فيها، وعن آياته الشرعية فلا يأتمرون بها
✍سادساً: الحذر من الغفلة؛ لأن أكثر الناس وقعوا في الغفلة، قال الله تعالى: {وَإِنَّ
كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آَيَاتِنَا لَغَافِلُونَ} (سورة يونس، الآية: 92.).
5- : الغفلة تغلق
على العبد أبواب الخير، وتفتح له أبواب الشر:
فكل شيء مفتاح و مفتاح الشر و
المعاصي الغفلة عن الله و عن قدرته و سلطانه – جل جلاله - قال الله تعالى:
{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا
مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ
صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ
بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (107) أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ
عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
(108) لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (سورة النحل،
الآيات: 106 - 109.).
6- أهل الغفلة لهم الحسرة يوم الحسرة:
و آخر المطاف حسرات و
زفرات يوم لا ينفع الندم قال الله تعالى: {وَأَنْذِرْهُمْ
يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا
يُؤْمِنُونَ (39) إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا
يُرْجَعُونَ} (سورة مريم، الآيتان: 39، 40.)، وفي الصحيحين عَنِ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
إِذَا صَارَ أَهْلُ الْجَنَّةِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ إِلَى
النَّارِ، جِيءَ بِالْمَوْتِ حَتَّى يُجْعَلَ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ
يُذْبَحُ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا مَوْتَ، يَا أَهْلَ
النَّارِ لَا مَوْتَ، فَيَزْدَادُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَرَحًا إِلَى فَرَحِهِمْ،
وَيَزْدَادُ أَهْلُ النَّارِ حُزْنًا إِلَى حُزْنِهِمْ " ([2])
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ
الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ قِيلَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، ثُمَّ
ذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: «فَذَلِكَ
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ» وَلَمْ يَقُلْ: ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْضًا: وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا
([3])
✍العنصر الثاني :علامات الغفلة: اعلم علمني الله و إياك أن للغفلة علامات و إشارات من خلالها يتعرف
المرء على حقيقة نفسه
✍أولاً: التكاسل عن الطاعات: نفسه :وهذه العلامة من أهم العلامات،
قال الله تعالى في شأن المنافقين: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى
الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ
إِلَّا قَلِيلًا}... (النساء : 142).
ثانياً: استصغار
المحرمات والتهاون بها : عَنْ الْأَسْوَدِ، قَالَا:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: " إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي
أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ
كَذُبَابٍ وَقَعَ عَلَى أَنْفِهِ، فَقَالَ: بِهِ هَكَذَا، فَطَارَ " ([4])
عن سهل بن سعد : أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : ( إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل
قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم لان
محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه ) ([5])
✍ثالثاً: إلف المعصية ومحبتها والجهر بها :
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ
الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا
الْمُجَاهِرِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , وَمَنِ الْمُجَاهِرُونَ؟ قَالَ:
" الَّذِي يَعْمَلُ الْعَمَلَ بِاللَّيْلِ فَيَسْتُرُهُ رَبُّهُ , ثُمَّ
يُصْبِحُ , فَيَقُولُ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ,
فَيَكْشِفُ سَتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ".([6])
((كلّ أمتي معافَى)) مِن
العافية وأنّ الله سبحانه وتعالى يغفر الذنبَ ويقبل التوبَة، ((كلّ أمّتي معافى
إلا المجاهرين))، هؤلاء لا يعافَون، المجاهرون بالمعاصي لا يعافَون، الأمّة يعفو
العفوُّ عن ذنوبها، لكن الفاسقَ المعلن لا يعافيه الله عز وجلّ، وقال بعض العلماء:
إنّ المقصودَ بالحديث كلُّ أمّتي يترَكون في الغيبة إلاّ المجاهرين، والعفو بمعنى
الترك، والمجاهر هو الذي أظهر معصيتَه، وكشف ما ستر الله عليه، فيحدِّث به، قال
الإمام النووي رحمه الله: "من جاهر بفسقِه أو بدعته جاز ذكرُه بما جاهر
به".
هذه المجاهرة التي هي التحدُّث
بالمعاصي، يجلس الرجلُ في المجلس كما أخبر النبي
ويقول: عمِلتُ البارحة كذا وكذا، يتحدّث بما فعل، ويكشف ما سُتِر، وقد قال
النبي : ((اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألمّ بشيء منها فليستتر
بستر الله)) ([7])
✍رابعاً: تضييع الوقت من غير فائدة:فإن الوقت نعمة، ولا يضيعه إلا غافل، لأنه لا يعرف أن الوقت هو أغلى
ما عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا
كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ " " ([8])
قال الحسن: "مِن علامة
إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيه، خذلانًا من الله -عز وجل-".
تمر الساعات والأيام ولا يحُسب لها حساب؛ للجهل بقيمة الوقت وأهميته، هناك من
يدعوك: تعالَ نفوّت الوقت! يفرح عندما تغيب الشمس، وهو يدرك تمامًا أن يومًا فات
من عمره لا يعود! ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ
إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: 115].
وما أحسن قول القائل :
تزوَّد من التُّقَى فإنَّك لا تدري إذا
جنَّ ليلٌ هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيحٍ مات من غير علةٍ وكم من عليلٍ عاش حيناً من الدهر
✍العنصر الثالث: أسباب الغفلة:
1- حب الدنيا: فحب الدنيا راس كل خطيئة كما في الحكمة المشهورة والغفلة هي ثمرة حب
الدنيا قال تعالى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا
يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ
الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}... (الروم: 6-7).
يقول ابن كثير في تفسيره : فإن
أكثر الناس ليس لهم علم إلا بالدنيا وإكسابها وشؤونها فهم فيها حذاق أذكياء في
تحصيلها ووجوه مكاسبها وهم غافلون عن أمور الدين وما ينفعهم في الدار الآخرة كأن
أحدهم مغفل لا ذهن له ولا فكرة، قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَاللَّهِ لَبَلَغَ
من أحدهم بدنياه أن يَقْلِبُ الدِّرْهَمَ عَلَى ظُفْرِهِ، فَيُخْبِرُكَ بِوَزْنِهِ
وَمَا يُحْسِنُ أَنْ يُصَلِّيَ .
قال نصر بن محمد السمرقندي: (ويقال:
الناس يصبحون على ثلاثة أصناف: صنف في طلب المال، وصنف في طلب الإثم، وصنف في طلب
الطريق. فأما من أصبح في طلب المال؛ فإنه لا يأكل فوق ما رزقه الله تعالى، وإن
أكثر المال. ومن أصبح في طلب الإثم؛ لحقه الهوان والإثم. ومن أصبح في طلب الطريق؛
آتاه الله تعالى الرزق والطريق!).
كلامه رحمه الله فبعض الناس
يجلسون مع بعضهم البعض كل حديثهم عن الدنيا، عن المال، عن النساء، عن الشهوات، عن
الربح عن الخسارة وهم عن الآخرة هم غافلون، فالإغترار بالدنيا والانغماس في
شهواتها سبب كبير للغفلة، قال الله عز وجل: {ذَرْهُمْ
يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}...
(الحجر : 3) .
إن حال هؤلاء ليُنبئ عن سُكْر
بحب الدنيا وكأنهم مخلدون فيها، وكأنهم لن يخرجوا منها بغير شيء من متاعها مع أن
القرآن يهتف بنا: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ
اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ
بِاللَّهِ الْغَرُورُ}.... (فاطر : 5).
إن سكران الدنيا لا يفيق منها
إلا في عسكر الموتى نادما مع الغافلين، وهؤلاء الصنف يقول عنهم صلى الله عليه وسلم
: "إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار
عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرة" صحيح الجامع الجَعظري هو "الفظُّ
الغليظ المتكبر" والجواظ "([9])
والسخَّاب كالصخَّاب أي: ( كثير
الضجيج والخصام).
فهذا الرجل كأنه لم يخلق
للعبادة وإنما خلق للدنيا وشهواتها فإنه إن فكر فكر للدنيا وإن أحب أحب للدنيا وإن
عمل عمل للدنيا فمن أجلها يخاصم ويزاحم ويقاتل، وبسببها يتهاون ويترك كثيراً من
أوامر الله عز وجل وينتهك المحرمات من أجلها .
وإن من الخسارة العظيمة أن تضيع
حياة العبد ما بين أمل طويل وعمل سيء، فتراه في نهاره عاملاً ناصباً صاخباً جامعاً
مانعاً، وللفرائض والآداب مضيعاً، فإذا جاء الليل ارتمى على فراشه كالخشبة الملقاة
أو الجيفة القذرة، لا يقوم لصلاة فريضة فضلاً عن قيام ليل وعبادة رب كريم !
قال رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - : «إنما أهلك من قبلكم الدينار والدرهم، وهما مُهْلكاكُمْ»([10])
إن حال هؤلاء يصدق فيه قول
القائل:
نهارك يا مغرور سهو وغفلةٌ وليلك نومٌ والردى لك لازمٌ
وشغلك فيما سوف تكره غبه كذلك في الدنيا تعيش البهائم
2- الجهل بالله
عز وجل: من أعظم أسباب الغفلة الجهل بالله عز وجل
وأسمائه وصفاته، والحق أن كثيرًا من الناس لم يعرفوا ربهم حق المعرفة، ولو عرفوه
حق المعرفة ما غفلوا عن ذكره، وما غفلوا عن أوامره ونواهيه؛ لأن المعرفة الحقيقية
تورث القلب تعظيم الرب ومحبته وخوفه ورجاءه، فيستحي المؤمن أن يراه ربه على معصية،
أو أن يراه غافلاً، فأُنس الجاهلين بالمعاصي والشهوات، وأُنس العارفين بالذكر
والطاعات .
* قال سلمان الفارسي -رضي الله
عنه - : (ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني: مؤمِّل الدنيا والموت يطلبه! وغافل ليس يُغْفل
عنه! وضاحكٌ مِلءْ فيه ولا يدري أساخط ربُّ العالمين عليه أم راضٍ؟!
3- المعاصي: وهي من أعظم أسباب الغفلة، قال الله عز وجل: "كَلَّا بَلْ
رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" المطففين وقال عبد الله بن
عباس رضي الله عنهما: "إن للحسنة ضياء في الوجه، ونوراً في القلب، وسعة في
الرزق، وقوة في البدن، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه، وظلمة في
القلب، ووهناً في البدن، ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق".
4- صحبة السوء: والعرب تقول الصاحب ساحب، والطبع يسرق من الطبع، فمن جالس أهل
الغفلة والجرأة على المعاصي سرى إلى نفسه هذا الداء : {وَيَوْمَ
يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ
الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً *
لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ
لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً}... (الفرقان : 27-29).
عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّمَا مَثَلُ
الْجَلِيسِ الصَّالِحِ، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ الْمِسْكِ، وَنَافِخِ
الْكِيرِ، فَحَامِلُ الْمِسْكِ: إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ
مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الْكِيرِ:
إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً ".([11])
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ
خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» "([12])
عن أبي سعيدِ، عن النبيِّ- صلى
الله عليه وسلم -، قال: "لا تُصَاحِبْ إلا مُؤْمِناً، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ
إلا تَقيٌّ" "([13])
وما أحسن ما قال القائل:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينة فكل
قرين بالمقارن يقتدي
5- طول الأمل: فيعيش في الدنيا وهو يظن أنه لن يفارقها فهو مقبل عليها غافلا عن
آخرته، قال الله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا
وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}... (الحجر : 3).
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ
وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى
الْعُمُرِ ([14])
قال عَلِيُّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ
- رضي الله عنه -: "ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا مُدْبِرَةٌ وارْتَحَلَتِ
الآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ
أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ اليَوْمَ
عَمَلٌ وَلا حِسَابٌ، وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلٌ"... ([15])
6- كثرة الكلام
في غير ذكر الله تعالى:
عن عبد الله بن عمر رضي الله
عنهما يرفعه: "لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر
الله تعالى قسوة للقلب، وإن أبعد الناس من الله تعالى القلب القاسي"...
ويقول الإمام ابن القيم رحمه
الله: إن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين،
فليتخير العبد أعجبهما إليه وأَولاهما به، فهو مع أهله في الدنيا والآخرة .
قال أيضا : (على قدر غفلة العبد
عن الذكر يكون بُعْده عن الله).
وقال أيضًا: (إنَّ الغافل بينه
وبين الله عزَّ وجلَّ وحشة، لا تزول إلا بالذكر).
فهل حاسبت نفسك أخي المسلم: هل
أنت من الذاكرين لله تعالى؟! هل أنت من المنشغلين بالطاعات؟
7- الغفلة عن
الموت والدار الآخرة : وقد أخبر الله عن هذا الصنف
بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا
وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ
آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ}... (يونس : 7- 8).
وقد نقل ابن كثير رحمه الله أن
أشعر الناس أبو العتاهية حيث قال :الناس في غفلاتهم ورحا المنية تطحنُ.
✍ثامنا: ترك صلاة الجماعة: عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالاَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ تَرْكِهِمُ الْجُمُعَاتِ، أَوْ
لَيُخْتَمَنَّ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ لَيَكُونُنَّ مِنَ الْغَافِلِينَ. ([16]) .
✍العنصر الرابع: علاج الغفلة:
✍أولاً: العلم بالله : معرفة الله عز وجل، ومعرفة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومعرفة دينه
وشرعه، قال الله تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ
يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو
الْأَلْبَابِ}... (الزمر : 9).
عَنِ ابن عَبَّاسٍ، أَنَّ
رَسُولَ الله، صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَنْ يُرِدِ الله بِهِ خَيْرًا،
يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ.... ([17])
✍ثانياً: ذكر الله تعالى على كل حال : عَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لا يَذْكُرُ
رَبَّهُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ». ".([18])
✍ثالثا مجالس الذكر : فهي
العلاج الناجع لعلاج غفلة القلوب، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله
قال: "إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا".
قالوا: وما رياض الجنة؟ قال:
حلق الذكر"([19])
✍رابعاً: قراءة القرآن : قال خبَّاب بن الأرتِّ رضي الله عنه: "تقرّب إلى الله ما
استطعت، واعلم أنك لن تتقرب بشيء أحب عليه من كلامه".
وقال عثمان رضي الله عنه:
"لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم".
وقال عبدالله بن مسعود رضي الله
عنه: "من أحب القرآن فهو يحب الله ورسوله".
وجعل الله عقوبة أهل النار، قال
تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا
بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آَيَاتِنَا
غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } [يونس:
7، 8].
✍خامسا: الدعاء والتضرع إلى الله تعالى : عَنْ أَبِى سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا
مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ، لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ، وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ،
إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ
دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِى الآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ
عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ؟ قَالَ: اللَّهُ
أَكْثَرُ. " ([20])
سادساً: التوبة: التوبة
النصوح، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءَ،
فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زَيدَ
فِيها حَتَّى تَعلُوَ قَلْبَهُ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
(14)} ([21])
ولكن المقصود بالتوبة هي التي
تكون نصوحا، وتوصف بأنها نصوح إذا اجتمعت فيها شروطها المعتبرة، وقد وردت آية في
كتاب الله عز وجل جامعة لكل شروط التوبة، ومبشرة لمن اجتمعت تلك الشروط في توبته
أنه مغفور له، وهي قول الله تعالى: ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم
اهتدى).
✍سابعا: المحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَنْ حَافَظَ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ
الْمَكْتُوبَاتِ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ
مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ "..([22])
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ ذَكَرَ
الصَّلَاةَ يَوْمًا, فَقَالَ: "مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا
وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ
عَلَيْهَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نُورًا وَلَا بُرْهَانًا وَلَا نَجَاةً، وَكَانَ
يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ
خَلَفٍ".([23])
✍ثامنا: الحرص على قيام الليل : ولو بعشر آيات في قيامه، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ
بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفٍ آيَةٍ كُتِبَ
مِنَ الْمُقَنْطِرِينَ ". ([24])
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَانِي
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ
مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مَفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ
فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ شَرَفُ الْمُؤْمِنِ
قِيَامُهُ بِاللَّيْلِ، وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ "...([25])
✍تاسعا: الإكثار من ذكر الموت :عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» ".([26])
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَكْثِرُوا ذِكْرَ
هَاذِمِ اللَّذَّاتِ فَمَا ذَكَرَهُ عَبْدٌ قَطُّ وَهُوَ فِي ضِيقٍ إِلَّا
وَسَعَهُ عَلَيْهِ وَلَا ذَكَرُهُ وهو في
سعة إلا ضيقه عليه" ([27])
عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله
عنهما - قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَاءَهُ
رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ , فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ, أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ , قَالَ: "
أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا " قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ ؟ , قَالَ:
أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا , وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا ,
أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ " ([28])
([12]) - خرجه عبد بن حميد (1431) ، وأبو داود (4833) ، والترمذي (2378) ، والحاكم
4/171 انظر صَحِيح الْجَامِع: 3545 , الصَّحِيحَة: 927
([13]) - أخرجه أحمد 3/38، وأبو داود "4832" في
الأدب: باب مَنْ يؤمر أن يجالس، والترمذي "2395" صَحِيح الْجَامِع:
7341، صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 3036
([17]) - أخرجه: أحمد 4/ 92، والبخاري 1/ 27 (71)، ومسلم 3/ 95 (1037)، وابن ماجه
(221)، وأبو عوانة (7504)،
([19]) - أخرجه الترمذي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه في السنن
5/ 532، كتاب الدعوات (49)، باب (83)، الحديث (3509) وقال: هذا حديث حسن غريب..
([21]) - أخرجه أحمد (2/297، رقم 7939) ، والترمذى (5/434، رقم 3334) وقال: حسن
صحيح. والنسائى فى الكبرى (6/110، رقم 10251)
([22]) - الحاكم في مستدركه ج 1/ ص 452 حديث رقم: 1160 الصَّحِيحَة: 657 ,
صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب: 1437
([24]) - أخرجه ابن خزيمة (1144)، وابن حبان في "صحيحه" (2572)، وابن
السني (703)، والبيهقي في "الشعب (2005)، صَحِيح الْجَامِع: 6439،
الصَّحِيحَة: 642
تعليقات
إرسال تعليق