من حقوق الوطن التوبة والاستغفار
من حقوق الوطن التوبة والاستغفار
الشيخ السيد مراد سلامة
إخوة الإسلام قد يقول قائل وما هي
علاقة الوطن بالتوبة و الاستغفار
نقول بحول الله وطوله
ان الذنوب و المعاصي شؤم على كل شيء
على الانسان على الحيون على النباتات على البحار حتى السمك في البحار يصيبه شؤم
معاصي بني ادم
أيها الناس! إن كثيراً من الناس اليوم
يعزون المصائب التي يصابون بها سواء كانت المصائب مالية، اقتصادية، أمنية، سياسية،
يعزون هذه المصائب إلى أسباب مادية بحتة، أو إلى أسباب سياسية، أو أسباب مالية، أو
أسباب حدودية، ولا شك أن هذا من قصور أفهامهم، وضعف إيمانهم، وغفلتهم عن تدبر كتاب
الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلمون المؤمنون بالله ورسوله!
الراضون بدين الله شرعاً ومنهاجاً! إن وراء هذه الأسباب أسباب شرعية لهذه المصائب
أقوى وأعظم وأشد تأثيراً من الأسباب المادية، لكن قد تكون الأسباب المادية وسيلة
لما تقتضيه الأسباب الشرعية من المصائب والعقوبات، قال عز وجل: {ظَهَرَ الْفَسَادُ
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ
الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41].
جاء في سنن ابن ماجة من حديث عبد الله
بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: (كنتُ عاشر عشرة رهط المهاجرين عند رسول
الله صلى الله عليه وسلم، فاقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجهه، فقال:
يا معشر المهاجرين! خمس خصال أعوذ بالله أن تدركوهن: ما ظهرت الفاحشة في قوم حتى
أعلنوا بها إلا ابتُلُوا بالطواعين والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا،
ولا نقص قوم المكيال إلا ابتُلُوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلاطين، وما منع
قوم زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء؛ ولولا البهائم لم يُمطروا، ولا
خَفَر قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما
لم تعمل أئمتهم بما أنزل الله في كتابه إلا جعل الله بأسهم بينهم).
يقول أبو هريرة رضي الله عنه: [إن
الحَبارى لتموت في أوكارها هُزالى من ظلم الظالم].
وقال مجاهد: [إن البهائم تلعن عُصاة بني آدم إذا اشتدت السنة، وأمسك المطر، تقول: هذا بشؤم معصية بني آدم].
إن الذي حل بهذه الأمة كان بسبب ركوبها
المعاصي وتركها الطاعة، ولا بد أن ترجع إلى ربها وإلا سيكتب عليها الذل والهوان
طالما أعرضت عن كتاب الله وعن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك أجرى الله
تعالى في هذه الأمة سنته التي لن تجد لها تبديلاً ولا تحويلاً، قال الله تعالى:
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الأنفال:53].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا
يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ} [الرعد:11] أي: إذا أنعم الله تعالى على أمة من الأمم
بنعمة من النعم، فإنه لا يزيلها ولا يمحقها ما دامت هذه الأمة قائمة لله وبأمر
الله وعلى نهج الله، فإن هذه النعمة لا يمكن أن تزول عنهم أبداً، سنة من الله
تعالى، إن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا هم، وحتى يبدلوا هم، وحتى
يتنكبوا الطريق هم، فحينئذ يزيل الله تبارك وتعالى ما بهم من نعم.
ضرب لهذا مثلاً حياً عظيماً في القرآن
الكريم فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ}
[النحل:112] فلما كفرت بأنعم الله أخذها الله تعالى بغتة، وهذه سنته في العصاة
والكافرين والضالين الذين سلكوا سبيل الشياطين، وتركوا سبيل الأنبياء والمرسلين.
{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً
كَانَتْ آمِنَةً} [النحل:112] أغلب أقوال أهل العلم على أن هذه القرية هي مكة
المكرمة التي كفرت ببعثة محمد عليه الصلاة والسلام، وكفرت بالقرآن وبالسنة.
{فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ
الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل:112] أما الجوع فلأن
النبي عليه الصلاة والسلام قطع عليهم الطريق
الفهم الخاطئ للاستغفار:
يظن كثير من الناس إن الاستغفار دندنة باللسان
و هذا كذب أنواع الاستغفار إن يستغفر بلسانه و هم مصر على المعاصي و الذنوب
إن الاستغفار قول باللسان و تطهيرا
للجنان و ترجمة بالجوارح و الأركان
معنى التوبة والاستغفار
أن السارق يرجع و يتوب و يرد ما سرق إلى
مستحقه
أن يتوب اكل الربا ويندم على ذنبه
أن يتوب اكل المال العام ويرده إلى
مكانه
أن يتوب قاطع الرحم ويصل رحمه
أن يتوب الذي لا يصلي ويحافظ على
الصلاة
أن يتوب مانع الزكاة ويخرج زكاة ماله
أن يتوب الموظف الذي لا يتقن علمه و لا
يهمله
أن يتوب التاجر الذي يحتكرك و يستغل الأزمات
أن تتوب المرأة المتبرجة
أن يتوب الظالم ويرد المظالم إلى أهلها
إذا فعلنا ذلك انصلحت أحوالنا و ورزقنا
الله تعالى
وقعت في المدينة هزة خفيفة، يقولون:
سقطت بعض الحوائط، وكان الخليفة هو عمر، فقد كان هو المسئول، فلما وقعت الهزة وقعت
بعض الحوائط والجدران، فصعد المنبر ونادى في الظهيرة الصلاة الصلاة، فاجتمع الناس،
فخطبهم وبكى، وقال: ما هذه الهزة؟ قالوا: من الله، قال: أنا أدري أنها من الله،
ولكن ما سببها؟ قالوا: لا ندري، قال: لا تدرون {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ
وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي
عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:41].
والذي نفسي بيده لو تكررت هذه الهزة لا
أجاوركم في المدينة بعدها، قالوا: ماذا نفعل؟ قال: توبوا إلى الله وتضرعوا؛ فإن
الله يقول: {فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ
قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[الأنعام:43].
قال أهل التاريخ: هبت ريح شديدة على
بغداد، وأخذت بعض الشجر، وهدمت بعض البيوت، والخليفة في ذلك الوقت هو هارون
الرشيد، فنزل من قصره، ودخل المسجد، وكشف البساط، ووضع خده، وقال: والله يا رب! لا
أرفع خدي حتى تهدأ الريح؛ لأنك إن قتلت أمة محمد فبسبب ذنوبي، قالوا: فما رفع رأسه
حتى هدأت الريح واطمأنوا إلى رحمة الله عز وجل.
بيان شؤم المعصية على الفرد
والمجتمع
هاهم بنو إسرائيل -كما في كتاب
التوابين لـ ابن قدامة - يلحق بهم قحط على عهد موسى عليه السلام، فاجتمعوا إلى
موسى وقالوا: يا نبي الله! ادعُ لنا ربك أن يسقينا الغيث.
فقام معهم، وخرجوا إلى الصحراء
ليستسقوا وهم سبعون ألفاً أو يزيدون، فقال موسى: إلهنا اسقنا غيثك، وانشر علينا
رحمتك، وارحمنا بالأطفال الرُّضَّع، والبهائم الرُتَّع، والشيوخ الرُّكَّع، فما
ازدادت السماء إلا تقشعاً، ذهب السحاب الذي في السماء، وما ازدادت الشمس إلا حرارة،
فقال: يا رب! استسقيناك فلم تسقِنا، فقال: يا موسى إن فيكم عبداً يبارزني بالمعصية
منذ أربعين عاماً، فمُرْهُ أن يخرج من بين أظهركم؛ فبشؤم ذنبه مُنِعْتم القطر من
السماء، قال: يا رب! عبد ضعيف، وصوتي ضعيف، أين يبلغ وهم سبعون ألفاً أو يزيدون؟
فأوحى الله إليه -سبحانه وبحمده-: منك النداء وعلينا البلاغ.
فقام ينادي في سبعين ألفاً، قائلاً: يا
أيها العبد العاصي الذي بارز الله بالمعصية أربعين عاماً!
اخرج من بين أظهرنا؛ فبشؤم ذنبك
مُنِعْنَا القطر من السماء، فيوحي الله إلى موسى أنه تلفت هذا العبد يميناً
وشمالاً لعله يخرج غيره، فعلم أنه المقصود بذلك، فقال في نفسه: إن خرجت افتضحت على
رءوس بني إسرائيل، وإن بقيت هلكت وهلكوا جميعاً بالقحط والجدب.
فماذا كان منه؟ ما كان منه إلا أن أدخل
رأسه في ثيابه، وقال: يا رب! عصيتك أربعين وأمهلتني، واليوم قد أقبلت إليك طائعاً
تائباً نادماً، فاقبلني واسترني بين الخلق هؤلاء يا أكرم الأكرمين!
فلم يستتم الكلام حتى علتْ السماء
سحابة بيضاء، فأمطرت كأفواه القِرَب، فقال كليم الله لربه: يا رب! سقيتنا ولم يخرج
من بين أظهرنا أحد.
فقال: يا موسى! أسقيتكم بالذي منعتكم
به -بنفس العبد الذي منعتكم به أسقيتكم به- قال: يا رب! أرني هذا العبد الطائع
التائب النادم، قال: يا موسى! لم أكن لأفضحه وهو يعصيني أفأفضحه وهو يطيعني؟!
يا من ألوذ به فيما أؤمله وأستعيذ به
مما أحاذره
لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ولا
يهيضون عظماً أنت جابره
وعد الله ومن اصدق من الله قيلا
فإن من أسباب البركة أن يكثر المرء من
الاستغفار للعزيز الغفار فإن ذلك يمنحه من ربه السعة في الرزق والبركة فيه يقول
خير الرازقين {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ
وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)}
يقول ابن عطية - رمه الله -يقتضي أن الاستغفار سبب لنزول المطر
في كل أمة.
وشكى رجل إلى الحسن الجرب فقال له:
استغفر الله، وشكى إليه آخر الفقر، فقال: استغفر إليه، وقال له آخر: ادع الله أن
يرزقني ولداً، فقال له استغفر الله، فقيل له في ذلك، فنزع بهذه الآية.
عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا
ورزقه من حيث لا يحتسب.
لقد جعل الله – تعالى- الاستغفار وسيلة
وسببًا لدفع الفقر وأمراض العقم بل كافة الأمراض التي تضعف قوة الإنسان أو تنقص
عدده يقول الله تعالى عن هود إنه قال لقومه:
وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ
السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا
تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (سورة هود:
52).في هذه الآية دلالة على أن الاستغفار سبب في نزول المطر وزيادة القوة يقول
الطبري : وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى
قُوَّتِكُمْ قال جعل لهم قوة فلو أنهم
أطاعوه زادهم قوة إلى قوتهم وذكر لنا أنه إنما قيل لهم ويزدكم قوة إلى قوتكم قال
إنه قد كان انقطع النسل عنهم سنين فقال هود لهم إن آمنتم بالله أحيا بلادكم ورزقكم
المال والولد لأن ذلك من القوة وقوله:
وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ
يقول ولا تدبروا عما أدعوكم إليه من توحيد الله والبراءة من الأوثان
والأصنام مجرمين يعني كافرين بالله) بل إن
القوة هنا مطلقة فتكون قوة في العتاد،
والبدن، والعقل وغيره والله أعلم.
ويقول الإمام القرطبي : (هذه الآي
والتي في هود دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار) وتكثر به الأولاد وتزداد به الجنات والأنهار.
تعليقات
إرسال تعليق