الألوة في بيان حقوق الزملاء والإخوة.pdf
الألوة في بيان حقوق الزملاء والإخوة
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
إنَّ الحمد
لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسا وسيئات أعمالنا ؛ من يهده
الله فلا مضل له ومن يضل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران : 102]( .
) يَا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا
زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ
الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ
رَقِيبًا [النساء : 1](
.
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ
وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ
فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب : 70 ، 71]( .
أمــــا
بعــــد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير
الهدي هدي محمد r وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في
النار .
ثـــم
أمــا بعـــد:
أيها الإخوة الأحباب
حديثنا في هذا اليوم الطيب الميمون الأغر الألوة ([1]) في بيان حقوق الزملاء
والإخوة فيها لنتعرف على بعض الحقوق
التي شرعها
الله تعالى و حث عليها نبينا صلى الله عليه وسلم فأعيروني القلوب و الأسماع
الأول
رابطة الإيمان الأخوة
اعلموا علمني الله وإياكم :- أن الأخوة من أعظم
روابط الإيمان ، بل هي من مستلزمات الإيمان يقول المولى سبحانه وتعالي { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } [الحجرات: 10] ويقول
سبحانه وتعالي {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } [التوبة: 11]
واعلموا زادكم الله علما: أنك لن تستكمل
الإيمان حتى تحب في الله ، وتبغض في الله وتوالي في الله وتعادي في الله ، عن
البراء – رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله (( صلى الله عليه وسلم ) (أوثق عرى الإيمان أن
تحب في الله وتبغض في الله ) . ([2])
وعن ابن عباس – رضي الله عنهما -: أوثق وعرى الإيمان المولاة في الله،
والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله عز وجل. ([3])
وعن أبي أمامة (رضي) قال : قال رسول الله (( صلى الله عليه وسلم ) (من أحب في لله ،
وابغض لله ، وأعطى لله ، ومنع لله ، فقد استكمل الإيمان) . ([4])
فضل الحب
في الله:
اعلموا زاداكم الله علما : أن الله جل جلاله
رتب على الحب فيه من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلا هو سبحانه ورفعة المنزلة يوم
القيامة وها هو النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يخبرنا بمكانة المتحابين في الله تعالى ، فعن
أبي إدريس الخولاني أنه قال : دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا ، وإذا الناس
معه إذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه ، وصدروا عن راية ، فسألت عنه فقيل هذا معاذ
بن جبل ، فلما كان الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ، ووجدته يصلى ، قال
فانتظرت حتى قضي صلاته ، ثم جئته من قبل وجهه ، فسلمت عليه ثم قلت ؛ والله
إني لأحبك لله ، فقال آلله ! فقلت : آلله
فقال : آلله ، فقلت آلله ؛ وأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه ، وقال أبشر فإني سمعت
رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : قال لله تبارك وتعالى ، وجبت محبتي للمتحابين في ، والمتجالسين في ، والمتزاورين في
والمتباذلين في . ([5])
. عن أبي مالك الأشعري (y) قال : كنت عند النبي ( صلى الله
عليه وسلم ) فنزلت عليه الآية (يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ
تَسُؤْكُمْ [المائدة : 101] قال : فنحن نسأله إذا قال إن لله عبادا ليسوا
بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة ،
قال : وفي ناحية القوم أعرابي فجثى على ركبته ورمي بيديه ثم قال : حدثنا يا رسول
الله عنهم من هم ؛ قال : فرأيت في وجه النبي ( صلى الله عليه وسلم )
البشر فقال النبي ( صلى الله
عليه وسلم ) : هم من عباد الله من بلدان شتى ، وقبائل شتى من
شعوب القبائل لم تكن بينهم أرحام يتواصلون بها ، ولا دنيا يتبادلون بها ، يتحابون
بروح الله يجعل الله وجوههم نورا ، ويجعل لهم منابر من لؤلؤ قدام الناس ولا يفزعون
ويخاف الناس ولا يخافون . )([6])
ومن فوائد
الحب في الله تعالى الظل في عرش الله يوم لا ظل إلا ظله عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِى
ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ الْعَادِلُ ، وَشَابٌّ نَشَأَ
فِى عِبَادَةِ رَبِّهِ ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ ،
وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِى اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ،
وَرَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّى أَخَافُ
اللَّهَ . وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ أَخْفَى حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ
يَمِينُهُ ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ.. ([7])
وعن أبي هريرة (رضى الله عنه) قال : قال رسول (صلى
الله عليه وسلم ) إن الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون لجلالي اليوم
أظلهم في ظل يوم لا ظل إلا ظلي . ([8])
الألوة في بيان حقوق الزملاء والإخوة: هيا معاشر الموحدين لنتعرف على بعض تلك الحقوق........................
الحق الأول: النصيحة له:
واعلموا زادكم الله علما : أن من حقوق المسلم على المسلم أن يسدي له النصيحة وأن يبين له الخير ويحذره
من الوقوع في الشر
يقول الحسن البصري – رحمه الله – إنك لن تبلغ حق نصيحتك لأخيك حتى تأمره بما
يعجز عنه ، وقد قال فرقد السنجي قرأت في بعض الكتب ، المحب لله عز وجل مؤمر على الأمراء ، زمرته أول الزمر يوم القيامة ومجلسه أقرب المجالس ، فيما هناك ، والمحبة فيما
هناك منتهى القربة والاجتهاد ، ولن يسأم المحبون من طول اجتهادهم لله عز وجل
ويحبونه ويحبون ذكره ويحبون خلقه ، ويمشون بين خلقه بالنصائح ، ويخافون عليهم من
أعمالهم يوم تبدو الفضائح أولئك أولياء الله وأحباؤه وصفوته ، أولئك الذين لا راحة لهم
دونه ،
وقال ابن
عليه: في قول أبي بكر المزني: ما فاق أبو بكر (رضي عنه ) أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم ) بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء كان في قلبه، قال: الذي كان في قلبه الحب لله عز وجل
والنصيحة في خلقه . ([9])
وعن جرير قال : بايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على السمع والطاعة و أن أنصح لكل مسلم ، قال وكان إذا باع الشيء أو اشتراه قال ، أما إن الذي
أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناك فاختر . ([10]).
وتأمل جزاء نصح العبد لسيده أن الله تعالى يعطه الأجر مرتين،
فعن عبد الله بن عمر أن رسول الله (صلى الله
عليه وسلم ) قال: إن العبد إذا نصح لسيده وأحسن
عبادة الله فله أمره مرتين . ([11])
.
وحثنا النبي (صلى الله عليه وسلم ) على النصح لكل مسلم ، فعن أبي السائب قال : قال
رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) دعوا الناس يصيب بعضهم من بعض فإذا استنصح أحدكم
أخاه فلينصحه . ([12]).
قال ذي النون
: لا تصحب مع الله إلا بالموافقة ، ولا مع الخلق إلا بالمناصحة ولا مع النفس إلا
بالمخالفة ، ولا مع الشيطان إلا بالعداوة([13])
عن صالح
بن زنبور ، قال : سمعت أم الدرداء ، تقول : « من وعظ أخاه سرا فقد زانه ، ومن وعظه
علانية فقد شانه » ([14])
وقال :
رحمه الله :-
تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع من التوبيخ لا أرضي استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي فلا تجزع إذا لم تعط طاعة([15])
وقال أبو
الدرداء (رضي الله عنه ) : إذا تغير أخوك
وحال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك ، فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم مرة ، ([16])
وحكي عن
أخوين من السلف انقلب أحدهما عن الاستقامة فقيل لأخيه: ألا تقطعه وتهجره؛
فقال:
أحوج ما كان إلي في هذا الوقت لما وقع في عثرته أن آخذ بيده وأتلطف له في المعاتبة
وأدعو بالعود إلى ما كان عليه. ([17]).
ثانيا: حق الإعانة بالمال
فعن عبادة
بن الصامت (رضي اله عنه ) قال :
سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) قال
الله تعالى : حقت محبتي للمتباذلين في . ([18])
الواقع التطبيقي:
و هيا
لنرى الواقع التطبيقي لذلك الحق و كيف طبقه الأخيار من صحابة النبي المختار صلى
الله عليه وسلم وممن سار على دربهم من التابعين الأطهار
حرص أبي بكر (رضي الله عنه) .
لقد ساند
أبو بكر الصديق حبيبه محمد (صلى الله عليه وسلم ) يصور
لنا ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) : عن
ابن عباس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه، عاصبا
رأسه في خرقة، فقعد على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إنه ليس أحد أمن
علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة، ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت
أبا بكر خليلا، ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة
أبي بكر. ([19])
وعن هشام
بن عروة عن أبيه قال : أسلم أبو بكر وله أربعون ألفا فأنفقها في سبيل الله ، وأعتق
سبعة كلهم يعذب في الله ، أعتق بلالا وعامر بن فهيرة ، وزينرة والنهدية
وابنتها وجارية بني مؤمل وأم عبيس . ([20])
وقال الله تعالى {وَسَيُجَنَّبُهَا
الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ
مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20)
وَلَسَوْفَ يَرْضَى } [الليل: 17 - 21]
وكان عمر
(رضي الله عنه ) يقول أبو بكر سيدنا
وأعتق سيدنا يعني بلالا ([21])
أبو بكر حبا في الله مالا وأعتق في محبته بلالا
وقد واسي النبي بكل فضل وأسرع في محبته بلالا
لو أن البحر يقصده ببعض لما ترك الإله به بلالا
بين فتح الموصلي وعيسى التمار-رحمهما الله-
جاء
الفتح الموصلي إلى صديق له يقال له عيسي التمار ، فلم يجده في المنزل فقال للخادم
: أخرجي إلي كيس أخي ، فأخرجته له فأخذ درهمين وجاء عيسي منزله فأخبرته الخادمة
بمجيء فتح وأخذ الدرهمين ، فقال : إن كنت صادقة فأنت حرة ، فنظر فإذا هي صادقة
فعتقت . ([22]).
عامر بن عبد الله بن الزبير – رحمه الله –
كان عامر
بن عبد الله بن الزبير يتحين العباد وهم سجود ، أبا حازم ، وصفوان بن سليم ،
وسليمان بن سحيم ، وأشباههم فيأتيهم بالصرر فيها الدنانير والدراهم فيضعها عند نعالهم حيث يحسون بها ولا يشعرون بمكانة فيقال : ما
يمنعك أن ترسل إليهم ؛ فيقول أكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إلى رسولي ، أو لقيني . ([23])
وذكر بن
الجوزي -رحمه الله - : قال : جاء رجل من السلف الصالح إلى بيت صديق له فخرج إليه
فقال : ما جاء بك ، قال : عليّ أربعمائة درهم ، فدخل الدار فوزنها ، ثم خرج فأعطاه
، ثم عاد إلى الدار باكيا ، فقالت زوجته ، هل تعللت عليه إذا كان إعطاؤه يشق عليك
؟؛
فقال:
إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله فاحتاج أن يقول ذلك . ([24])
أقول قولي
هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
أما بعد
............................................
ثالثا من حقوقهم: زيارتهم.
ومن
الحقوق التي تقوم عليها رابطة الأخوة التزاور والسؤال عن أحواله... ولقد رتب النبي
(صلى الله عليه وسلم) على هذا الحق من الثواب العظيم والأجر الكريم،
فعن كعب بن عجرة (رضي الله عنه ) قال رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) : ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة ؛ النبي في الجنة ،
والشهيد في الجنة ، والصديق في الجنة والمولد في الجنة ، والرجل يزور أخاه في ناحية المصر في الجنة .
([25]).
والله
تعالى يجب المتزاورين ويبشرهم بالجنة ،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
خرج رجل يزور أخا له في الله عز وجل، في قرية أخرى، فأرصد الله عز وجل بمدرجته ملكا،
فلما مر به قال: أين تريد؟ قال: أريد فلانا. قال: لقرابة؟ قال: لا. قال: فلنعمة له عندك تربها ؟ قال: لا
. قال: فلم تأتيه ؟ قال: إني أحبه في الله . قال: فإني رسول الله إليك . أنه يحبك بحبك
إياه فيه " . ([26])،
وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال : قال رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) : من عاد مريضا أو زار أخا في الله ، ناداه مناد ، أن
طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا . ([27])
الواقع التطبيقي :
حرص عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – ...
عن الحسن
قال: كان عمر بن الخطاب يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل فيقول يا طولها ليلة
فإذا صلى المكتوبة غدا إليه فإذا التقيا عانقه )([28])
وعن محارب
بن دثار: سمعت عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يقول: لقد أحببت في الله عز وجل ألف
أخ كلهم أعرف اسمه واسم أبيه واسم قبيلته وأعرف مكان داره،([29])
وقال محارب : حيث قال أعرف مكان داره علمت أنه
يزورهم ويأتيهم .
رابعا: ومن حقوقه: الإعانة بالنفس في قضاء
الحاجات والقيام بها قبل السؤال وتقديمها على الحاجة الخاصة .
والأصل في
ذلك الحديث المشهور عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنها – قال : قال رسول اله (صلى
الله عليه وسلم ) : أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ، وأحب العمال إلى الله
عز وجل سرور تدخله على مسلم ، أو تكشف عنه كربه أو تقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه
جوعا ، ولئن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا ، ومن كف
غضبه ستر الله عورته ، ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء
يوم القيامة ، ومن مشي مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبت الله قدمه يوم القيامة
يوم تزوال الأقدام . ([30])
. وعن ابن
عباس (رضي الله عنهما) أنه قال : لابن أخيه ، لأن يرى ثوبك على صاحبك أحسن من أن
يرى عليك ، ولأن ترى دابتك تحت صاحبك أحسن من أن ترى تحتك . ([31])
وقال
الحسن البصري – رحمه الله لأن أقضي لمسلم حاجة أحب إلي من أن أصلي ألف ركعة( [32])
.
حرص أبي بكر بن الحارث – رحمه الله – ..
جاء
المطلب عبد الله بن حنطب المخزومي إلى بكر
بن عبد الله بن الحارث : يسأله يفي غرم ألم به ، فلما جلس قال له أبو بكر ، قد
أعناك على غرمك بعشرين ألفا ، فقال له من كان معه والله ما تركت الرجل يسألك فقال
: إذا سألني فقد أخذت منه أكثر مما أعطيته )([33]).
حرص سعيد بن العاص – رحمه الله – ...
قال سعيد بن العاص
إذا أنا لم أعط الرجل حتى أنصبه للمسألة نصب العود فلم أعطه ثمن ما أخذ منه ([34])
.
خامسا: - إطعام الإخوان
و من حقوقهم إطعامهم
و إكرامهم ذلك من صفات المؤمنين الأبرار كما اخبرنا بذلك العزيز الغفار قال الله
عز وجل: ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا
* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا
* إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ
اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ
بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 8 –
12].
عن أبي هريرة رضي
الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل: أي العمل أفضل؟ فقال صلى الله
عليه وآله وسلم: ((أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا، أو تقضي عنه دينًا، أو تطعمه
خبزًا) (([35])
قال علي
(رضي الله عنه) : لأن أجمع نفرا من أصحابي على صاع أو صاعين من طعام أحب إلي من
أخرج إلي سوقكم فأعتق نسمة )([36])،
وقال أبو
سليمان الدراني : لو أن الدنيا كلها لي في لقمة ثم جاءني أخ لا حببت أن ضعها في
فيه . )([37])
حرص جابر بن عبد الله (رضي الله عنه ) .
عن جابر
بن عبد الله رضي الله عنهما قال لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم
خمصا شديدا فانكفأت إلى امرأتي فقلت هل عندك شيء فإني رأيت برسول الله صلى الله
عليه وسلم خمصا شديدا فأخرجت إلي جرابا فيه صاع من شعير ولنا بهيمة داجن فذبحتها
وطحنت الشعير ففرغت إلى فراغي وقطعتها في برمتها ثم وليت إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالت لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه فجئته فساررته
فقلت يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا فتعال أنت ونفر
معك فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أهل الخندق إن جابرا قد صنع سورا فحي
هلا بهلكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينكم
حتى أجيء فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي فقالت
بك وبك فقلت قد فعلت الذي قلت فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك ثم عمد إلى برمتنا
فبصق وبارك ثم قال ادع خابزة فلتخبز معي واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها وهم ألف
فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا وإن برمتنا لتغط كما هي وإن عجيننا
ليخبز كما هو. ([38])
حرص أبي سليمان الدراني – رحمه الله – ..
قال أبو سليمان الدارني لو أن الدنيا كلها لي فجعلتها
في فم أخ من إخواني لاستقللتها له
و قال أيضا
إني لألقم اللقمة أخا من إخواني فأجد طعمها في حلقي )([39])
سعيد بن عياض – رحمه الله – ..
عن إسحاق
بن سعيد الأموي عن أبيه قال : كان سعيد بن
عياض يدعو جيرانه وجلسائه في كل جمعة فيصنع لهم الطعام ويكسوهم الثياب فإذا أرادوا
أن يتفرقوا أمر لهم بالجوائز وبعث إليهم .([40])
خثيمة – رحمه الله
قال
الأعمش : كان خثيمة يصنع الخيبص . ([41])فيدعوا
إبراهيم ويدعونا معه ، ويقول : كلوا ما شتهيه ما أصنعه إلا لكم .
سفيان بن عيينة – رحمه الله – ..
عن إسحاق بن الأقرع قال : رأيت عبد الله بن
المبارك يخرج من عند سفيان بن عيينة مسرورا طيب النفس فقيل له في ذلك ، فقال وما
يمنعني من ذلك ؛ حدثني ابن عيينة بأربعين حديثا وأطعمني خبيصا . )([42])
عبد الرحمن بن أبي ليلي – رحمه الله – ..
عن يزيد بن أبي زياد قال : ما دخلت على عبد الرحمن بن
أبي ليلى قط إلا حدثني بحديث حسن وأطعمني طعاما طيبا . )([43])
حرص أبي جعفر محمد بن علي – رحمه الله – .
عن حماد
بن حنيفة قال : كان أبو جعفر محمد بن علي يدعو نفر من إخوانه كل جمعة فيطعمهم
الطعام الطيب ويطيبهم ويبخرهم ويروحون إلى المسجد من منزله . ([44])
الدعاء
.....................................
[1] - الأَلُوَّةُ
: هو الألنجوج، شجر من الفصيلة المازريونية، وفُصَيِّلة الألنجوجية، له عود
راتنجي، إذا أحرق سطعت له رائحة جميلة، وكثيراً ما يخلِطون عودَ هذا النبات بعود
نباتٍ آخرَ من الفصيلة القرنية، ويُسمَّى أيضاً العودَ الهنديَّ أو النَّدَّ
[2] -
مسند أحمد ط الرسالة - (30 / 488) وحسنه الإيمان في صحيح الجامع رقم 2009
[3] - أخرجه أبو داود (1/247) ، والطبراني (22/296 ، رقم 756) . وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2539
[4] -
أخرجه أبو داود (4681) وصححه الألباني في الصحيحة (380) .
[5] - مسند أحمد ط الرسالة - (36 / 360)وصححه الألباني
في صحيح الجامع ح 4331
[6] -مسند أحمد ط الرسالة - (37 / 530) وصححه
الألباني 3027 - صحيح2
[7] -
مسند
أحمد ط الرسالة - (15 / 414)وأخرجه البخاري (660) و (1423) و (6479) ، ومسلم
(1031) (91)
[8] - أخرجه
أحمد (2/237 ، رقم 7230) ، ومسلم (4/1988 ، رقم 2566).
[9] -
جامع العلوم الحكم 9911
[10] -
مسند أحمد ط الرسالة - (31 / 557) وصححه الألباني في صحيح
أبي داود رقم 4945
[11] -
أخرجه مالك (2/981 ، رقم
1772) ، وأحمد (2/18 ، رقم 4673) ، والبخاري (2/900 ، رقم 2412)
[12]
- أخرجه أحمد
(3/418 ، وصححه
الألباني في صحيح الجامع رقم 3385
[13] - إحياء
علوم الدين - (2 / 182) الرسالة القشيرية - (1 /
134)
[14] -
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأبي بكر بن الخلال
- (1 / 50)
[15] - مجمع
الحكم والأمثال - و ديوان الإمام الشافعي - (ص 63)
[16] - إحياء
علوم الدين - (2 / 183)و بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية - (6 /
124)
[17] - إحياء
علوم الدين - (2 / 184
[18] -
سبق تخرجه
[19] -
مسند أحمد ط الرسالة - (4 / 252)وأخرجه البخاري (467)
،.
[20] -
أسد الغابة 3 /325 وقال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني إلي عروة رجال الصحيح ،و الاستيعاب
في معرفة الأصحاب - (1 / 295)
[21] -
أخرجه البخاري 3754 .، أبو نعيم في الحلية (1/147).
[22] - كتاب الإخوان. رقم 162،و المتحابين في الله - (رقم
100)و تاريخ بغداد - (3 / 227)
[23] - الإخوان رقم 168 ،و المتحابين في
الله - (رقم 101)و صفة الصفوة - (2 / 131)
[24] -
التبصرة جـ2 ص640
[25] -
أخرجه أيضًا : الطبراني في الكبير (19/140 ، رقم 307) ، وحسنه الألباني في صحيح
الجامع رقم 2604
[26] -
مسند أحمد ط الرسالة - (13 / 297)وأخرجه البخاري في "الأدب" (350) ،
ومسلم (2567) ،
[27] -
رواه الترمذي ح
2008 وابن ماجه (1/464 ، رقم 1443) وحسنه الألباني في
صحيح الجامع رقم 6236
[28] - المتحابين
في الله - (123) و الإخوان رقم 83
[29] - الإخوان رقم 28
[30][30] -
أخرجه الطبراني في الأوسط (6/139 ، رقم 6026) . حسنه الألباني في الصحيحة رقم 906
[31] -
كتاب قضاء الحوائج لابن أبي الدنيا رقم 21
[32] -
كتاب قضاء الحوائج رقم 37
[33] - تاريخ
دمشق - (66 / 35)و قضاء الحوائج - (رقم 41)
[34] - قضاء
الحوائج - (رقم 43)
[35] - السلسلة
الصحيحة رقم (٢٧١٥).
[36] - الإخوان رقم 199
[37] - المتحابين في الله - (رقم 103) و الإخوان رقم
217، و مختصر صفة الصفوة - (1 / 477)
[38] -
أخرجه البخاري رقم ، 4102. و مسلم ح 2039 ، و الحاكم ح 4324 ، و أبو عوانة ح 6942
[39] - إحياء علوم الدين - (2 / 174) الكشكول ـ (2 /
162)و
[40] - الإخوان رقم 112
[41] -
الخيبص : الطعام المعمول من التمر والسمن . والطعام الطيب
[42] - الإخوان رقم 208
[43] - الإخوان رقم 207 ، و مكارم الأخلاق - (رقم 304)
[44] - كتاب الإخوان رقم 203
تعليقات
إرسال تعليق