إتحاف أهل العصر بأن الإسلام دين اليسر

أما في الاصطلاح: فهو تطبيق الأحكام الشرعية بصورة معتدلة كما جاءت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، من غير تشدُّد يُحرِّم الحلال، ولا تميُّع يُحلِّل الحرام.

و امتازت  شريعة الإسلام عن غيرها من الشرائع السماوية بأنها دستور اليسر و السهولة قال تعالى: { الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .

فتأملوا إلى الشرائع السابقة فقد اشترطت قتل النفس للتوبة من المعصية، والتخلص من الخطيئة، ويدل على ذلك قوله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ{([1])، ومثله أيضاً تطهير الثوب بقطع موضع النجاسة منه، وبطلان الصلاة في غير موضع العبادة المخصوص، وغير ذلك من الأمور التي كلّف بها من نزلت عليهم تلك الشرائع السابقة([2]).

ولقد نفى الله –تعالى-التشدد والغلو عن تلك الشريعة الغراء فقال رب الأرض والسماء

وهذا ما أشار إليه الله تعالى في مواطن كثيرة من كتابه العزيز منها قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقوله أيضًا: { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [البقرة: 185]، وقوله عز وجل: { يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28].

والذي يُقلب سنة النبي – صلى الله عليه وسلم-ليرى اليسر والسماحة متمثلة في أخلاق ومعاملات النبي –صلى الله عليه وسلم-فها هو يؤسس لخلق اليسر في غير ما موطن من سنته الشريفة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ –صلى الله عليه وسلم -قَالَ "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ" ([1])

 

وصية النبي صلى الله عليه وسلم  للبعوث باليسر

عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِى بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ «بَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا». ([2])

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ»([3])

أولا :اليسر في الطهارة

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ فَتَيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟» فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الِاغْتِسَالِ وَقُلْتُ إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ».([4])

قوله: (فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ولم يقل شيئا) فيه دليلان على جواز التيمم عند شدة البرد ومخافة الهلاك

ثانيا :التيسير في الصلاة

التيسير على المريض عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَكِبَ فَرَسًا فَصُرِعَ عَنْهُ فَجُحِشَ([5]) شِقُّهُ الأَيْمَنُ فَصَلَّى صَلاَةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ قَاعِدٌ وَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ « إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ ».([6])

- عمران بن حصين وفيه: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» ([7])

اتفق الفقهاء على أنه يسقط القيام في الفرض والنافلة للعاجز عنه لحديث عمران بن حصين السابق: «صل قائماً، فإن لم تستطع، فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب» فإن قدر على بعض القراءة ولو آية قائماً، لزمه بقدرها.

ويسقط القيام أيضاً عند جمهور الفقهاء غير الشافعية للعريان، فإنه يصلي قاعداً بالإيماء إذا لم يجد ساتراً يستر به عورته، كما قدمنا.

ومن حالات العجز المسقطة للقيام: حالة المداواة: كمن يسيل جرحه إذا قام، أو أثناء مداواة العين استلقاء. ومنها: حالة سلس البول: فإذا كان يسيل بوله لو قام، وإن قعد لم يسل، صلى قاعداً، ولا إعادة عليه حتى عند الشافعية في الأصح.

ومنها: حالة الخوف من عدو بحيث إذا قام، رآه العدو، صلى قاعداً ولا إعادة عليه حتى عند الشافعية أيضاً.

ومنها: عند الحنابلة قصر سُقِف لعاجز عن خروج كالحبس، وصلاة خلف إمام حي عاجز.

 

: التيسير في الليلة المطيرة عن نافع أن بن عمر أذن ليلة بضجنان ([8]) في ليلة باردة ثم قال صلوا في رحالكم ثم أخبرهم أن رسول الله كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة ثم ينادي في أثرها أن صلوا في رحالكم في الليلة الباردة أو الليلة المطيرة. عن نافع عن ابن عمر قال: نادى منادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-بذلك بالمدينة في الليلة المطيرة ([9]) والغداة القرة.([10]) ([11])

جمع الصلاة في المطر

عن ابن عباس أنه قال: صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر قال مالك أرى ذلك كان في مطر. ([12])

: التيسير على المسافر

عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ شُعْبَةُ الشَّاكُّ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»)) ([13])([14])

تخفيف الإمام في الصّلاة تيسيرا على من خلفه

قال أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مِنْ أَجْلِ فُلَانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْهُ يَوْمَئِذٍ ثُمَّ قَالَ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ فَأَيُّكُمْ مَا صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيَتَجَوَّزْ ([15]) فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالْكَبِيرَ وَذَا الْحَاجَةِ" ([16])

التيسير على من حضره الطعام

عَنْ أَبِي عَتِيقٍ، كَذَا قَالَ وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: تَحَدَّثْتُ أَنَا وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا حَدِيثًا، وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً ([17])وَكَانَ لِأُمِّ وَلَدٍ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: " مَا لَكَ لَا تَتَحَدَّثُ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا؟ أَمَا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتَ، هَذَا أَدَّبَتْهُ أُمُّهُ، وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ([18]) "، قَالَ: فَغَضِبَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَأَضَبَّ عَلَيْهَا([19])، فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَدْ أُتِيَ بِهَا قَامَ، فَقَالَتْ: أَيْنَ؟ قَالَ: أُصَلِّي، قَالَتْ: اجْلِسْ، قَالَ: إِنِّي أُصَلِّي، قَالَتْ: اجْلِسْ غُدَرُ([20])، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ،([21]) وَلَا وَهُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ ([22])". ([23])

التيسير في الصوم

التيسير على المسافر

عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصُومُ فِي السَّفَرِ قَالَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ ([24])  ([25])

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجلا قد ظلل عليه فقال: "ما هذا؟" قالوا: صائم، قال: "ليس من البر الصيام في السفر" ([26]).([27])

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَنَزَلْنَا فِي يَوْمٍ حَارٍّ وَاتَّخَذْنَا ظِلَالًا فَسَقَطَ الصُّوَّامُ وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَسَقَوْا الرِّكَابَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالْأَجْرِ "([28]). ([29])

التيسير على الصائم بالنهي عن الوصال

عن أبي هريرة -رضي الله عنه -قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - عن الوصال([30]) فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل؟! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " وأيكم مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني([31]) ". فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما، ثم يوما، ثم رأوا الهلال، فقال: " لو تأخر الهلال لزدتكم ". كالمنكل([32]) لهم حين أبوا أن ينتهوا([33]).

عن أنس بن مالك قال: أخذ يواصل رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، وذاك في آخر الشهر، فأخذ رجال من أصحابه يواصلون، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: " ما بال رجال يواصلون، إنكم لستم مثلي، أما والله لو تمادَّ لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم([34]) "([35]).

التيسير على الناسي اذا اكل أو شرب

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "من أكل أو شرب ناسياً فليتمّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ([36]) "([37])

: التيسير على الحائض والنفساء

عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْهَا: أَتَقْضِي الْحَائِضُ الصَّلاَةَ؟ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: أَحَرُورِيَّةٌ ([38])أَنْتِ ؟ قَدْ كُنَّا نَحِيضُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ، ثُمَّ نَطْهُرُ، وَلَمْ يَأْمُرْنَا بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ.».  ([39])

السادس التيسير في حج بيت الله الحرام

التيسير في كون الحج مرة واحدة

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمْ الْحَجَّ فَقَالَ رَجُلٌ فِي كُلِّ عَامٍ فَسَكَتَ عَنْهُ حَتَّى أَعَادَهُ ثَلَاثًا فَقَالَ لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَوْ وَجَبَتْ مَا قُمْتُمْ بِهَا ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِالشَّيْءِ فَخُذُوا بِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ »([40]) .([41])

النهي عن التشدد في العبادة

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا امْرَأَةٌ، فَقَالَ: " مَنْ هَذِهِ " فَقَالَتْ: فُلَانَةُ لَا تَنَامُ، فَذُكِرَ مِنْ صَلَاتِهَا، فَقَالَ: " مَهْ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ ([42])فَوَاللهِ لَا يَمَلُّ اللهُ تَعَالَى حَتَّى تَمَلُّوا، وَكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إلَى اللهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ " ([43])

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه -قال: دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم -المسجد، فإذا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بين السَّاريتين، فقال: ما هذا الحبلُ؟

 قالوا: حَبلٌ لزينبَ، فإذا فَترتْ([44]) تعلَّقتْ به، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا، حُلُّوهُ، ليُصلِ أحَدُكُم نَشاطَهُ، فإذا فَتَر فَلْيَقْعُدْ»([45]).‏([46])

في اليسر في المهر والنّفقة‏

عن عروة بن الزبير، عن عائشة -رضي الله عنها -أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قال: " إن من يمن المرأة تيسير خطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها »([47])عن أبي العجفاء السلمي قال: (خطبنا عمر رحمه الله فقال: ألا لا تغالوا ([48]) بصدق ([49])النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله - عز وجل - لكان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - " ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ") ([50])

 (وإن أحدكم ليغالي بصداق امرأته حتى يبقى لها في نفسه عداوة ([51]) حتى يقول) (6) (لها: كلفت لكم علق القربة ([52])) ([53]).



[1] - أخرجه البخاري (1/23، رقم 39)، والنسائي (8/121، رقم 5034). وأخرجه أيضًا: ابن حبان (2/63، رقم 351)، والبيهقي (3/18، رقم 4518)، والقضاعي (2/104، رقم 976).

[2] - مسند أحمد ط الرسالة (32/ 473) وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة 9/60-61-ومن طريقه مسلم (1733) (7)، والبيهقي في "السنن" 10/86-والبخاري (3038).

[3] - أخرجه أحمد (1/239، رقم 2136) قال الهيثمي (8/70): رجاله ثقات لأن ليثا صرح بالسماع من طاوس. وأخرجه أيضًا : الطيالسى (ص 340) صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 744) الصحيحة 1375.

[4] - أخرجه أحمد (4/203، رقم 17845) أخرجه أبو داود (334) إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/ 181)

[5] - فجحش الجحش: هو أن يصيبه شيء كالخدش فينسلخ منه جلده.

[6] - أخرجه عبد الرزاق (2/460، رقم 4078)، والطيالسي (ص 280، رقم 2090)، وابن أبى شيبة (7/286، رقم 36134)، وأحمد (3/110، رقم 12095)، والبخاري (1/257، رقم 699)، ومسلم (1/308، رقم 411)، والترمذي (2/194، رقم 361)، والنسائي (2/83، رقم 794)، وابن ماجه (1/392، رقم 1238)، وابن حبان (5/460، رقم 2102)

[7] - أخرجه ابن أبى شيبة (2/43، رقم 6261)، والطبراني (7/28، رقم 6277)، قال الهيثمي (2/57) : فيه موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو ضعيف. والحاكم (1/486، رقم 1248) وقال: صحيح الإسناد إن كان محمد بن إبراهيم التيمي سمع من سلمة بن الأكوع. والبيهقي (3/255، رقم 5816). وأخرجه أيضًا: الدارقطني (1/398).

[8] - ضَجْنان- بفتح الضاد المعجمة، وبعدها جيم ساكنة، ونون مفتوحة، وبعد الألف نون أيضا-: وهو جبل على بريدٍ من مكة. وقال ابن الأثير: هو موضع أو جبل بين مكة والمدينة.

[9] - أي ذي مطر

[10] - أي الباردة

[11] -الحديث أخرجه الدارمي (1/292) وابن ماجه (1/ 302: 938، وصححه ابن خزيمة "1655".

[12] - الموطأ (1/ 123). و أخرجه مسلم (2 / 151) وأبو عوانة (2 / 353) وأبو داود (1210) والشافعي (1 / 118) وكذا ابن خزيمة في " صحيحه " (972) والطحاوي (1 / 95) والبيهقي ( 3 / 166 )

[13] - كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين: هناك من أخذ هذا النص وجعل ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ هي مدة السفر التي تقصر فيه الصلاة، وهذا خطأ، والصحيح في ذلك يؤخذ من قوله: (إذا خرج) فلم يقل: إذا سافر، ولاحظوا الدقة في التعبير، وكأن السفر غير الخروج.

فيقول: إذا خرج في سفر طويل، وقطع من السفر الطويل ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ -شك من الراوي-صلى ركعتين، يعني أنه يشرع في قصر الصلاة في السفر الطويل بعد أن يقطع ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ -على الشك-ولا يشرع في قصر الصلاة من بيته؛ هذا حاصل هذا الحديث.)( شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم (92/ 7)

[14] - مسند أحمد ط الرسالة (19/ 324) وأخرجه ابن أبي شيبة 2/443، ومسلم (691)، وأبو داود (1201)

[15] -قال ابن رجب –رحمه الله -: أن الإمام مأمور بالتخفيف خشية الإطالة عَلَى من خلفه؛ فإنه لا يخلو بعضهم من عذر كالضعيف والكبير وذي الحاجة.

وهذا يدل عَلَى أن الأمر بالتخفيف إنما يتوجه إلى إمام يصلي فِي مسجد يغشاه النَّاس.

قَالَ حَنْبل بن إِسْحَاق: قالو أبو عَبْد الله -يعني: أحمد -: إذا كَانَ المسجد عَلَى قارعة الطريق أو طريق يسلك فالتخفيف أعجب إلي، فإن كَانَ مسجداً يعتزل أهله ويرضون بذلك فلابأس، وأرجو - إن شاء الله.

وقالت طائفة: عَلَى الإمام أن يخفف بكل حال. فتح الباري ـ لابن رجب (4/ 207)

[16] - مسند أحمد ط الرسالة (37/ 33) أخرجه البخاري (6110)، والنسائي في "الكبرى" (5891)، وابن الجارود في "المنتقى" (326)، وابن خزيمة (1605)، والطبراني في "الكبير" 17/ (561)

.

[17] - (لحانة) أي: كثير اللحن في كلامه، أي: ينصب الفاعل، ويرفع المفعول وهكذا

[18] - أي أن أمه كانت من السبي، والظاهر أنها لم تكن عربية.

[19] - قوله: (فغضب وأضب) أي: حقد. شرح النووي على مسلم - (ج 2 / ص 323)

[20] - قولها: (اجلس غدر) أي: يا غادر. قال أهل اللغة: الغدر: ترك الوفاء، ويقال لمن غدر: غادر، وغدر. وأكثر ما يستعمل في النداء بالشتم، وإنما قالت له: (غدر)، لأنه مأمور باحترامها؛ لأنها أم المؤمنين وعمته وأكبر منه وناصحة له ومؤدبة، فكان حقه أن يحتملها ولا يغضب عليها. شرح النووي على مسلم - (ج 2 / ص 323)

[21] - قوله: (بحضرة الطعام) أي: عند حضور طعام تتوق نفسه إليه، أي لا تقام الصلاة في موضع حضر فيه الطعام وهو يريد أكله، وهو عام للنفل والفرض والجائع وغيره، وفيه دليل صريح على كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله في الحال لاشتغال القلب به. عون المعبود - (ج 1 / ص 112)

[22] - (الأخبثان): البول والغائط، أي لا صلاة حاصلة للمصلي حالة يدافعه الأخبثان وهو يدافعهما لاشتغال القلب به وذهاب الخشوع، وأما الصلاة بحضرة الطعام فيه مذاهب منهم من ذهب إلى وجوب تقديم الأكل على الصلاة، ومنهم من قال إنه مندوب، ومن قيد ذلك بالحاجة ومن لم يقيد، عون المعبود - (ج 1 / ص 112)

[23] - أخرجه أحمد (6/43 و 54). ومسلم (2/78) بن. وأبو داود (89). وابن خزيمة (933)

[24] - التخيير بين الصيام والفطر، لمن عنده قوة على الصيام. والمراد بذلك صوم رمضان، ويوضحه ما أخرجه أبو داود والحاكم من أن حمزة بن عمرو، قال: يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه، أسافر وأكريه، وربما صادفني هذا الشهر ـ يعني رمضان -وأنا أجد القوة عليه وأجدني أن أصوم أهون على من أن أؤخره، فيكون ديناً على. فقال: "أي ذلك شئت يا حمزة". تيسير العلام شرح عمدة الحكام-للبسام (1/ 302)

[25] -: أخرجه الحميدي (199)، وأحمد (6/46). والدارمي (1714) والبخاري (3/43) ومسلم (3/144)

[26] - أخذ من هذا: أنه كراهة الصوم في السفر لمن هو في مثل هذه الحالة ممن يجهده الصوم ويشق عليه أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من القربات ويكون قوله: "ليس من البر الصيام في السفر", منزلا على مثل الحالة) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (ص: 278)

[27] -: البخاري "1946" ومسلم "1115" واللفظ للبخاري.

[28] - "فمنا الصائم ومنا المفطر" فدليل على جواز الصوم في السفر ووجه الدلالة: تقرير النبي صلى الله عليه وسلم للصائمين على صومهم.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "ذهب المفطرون اليوم بالأجر" ففيه أمران:

أحدهما: أنه إذا تعارضت المصالح قدم أولاهما وأقواها.

والثاني: أن قوله عليه السلام: "ذهب المفطرون اليوم بالأجر" فيه وجهان:

أحدهما: أن يراد بالأجر أجر تلك الأفعال التي فعلوها والمصالح التي جرت على أيديهم ولا يراد مطلق الأجر على سبيل العموم.

والثاني: أن يكون أجرهم قد بلغ في الكثرة بالنسبة إلى أجر الصوم مبلغا ينغمر فيه أجر الصوم فتحصل المبالغة بسبب ذلك ويجعل كأن الأجر كله للمفطر وهذا قريب مما يقوله بعض الناس في إحباط الأعمال الصالحة ببعض الكبائر وأن ثواب ذلك العمل صار مغمورا جدا بالنسبة إلى ما يحصل من عقاب الكبيرة فكأنه المعدوم المحبط وإن كان الصوم ههنا.) (إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (ص: 278)

[29] - أخرجه البخاري (3/1058، رقم 2733)، ومسلم (2/788، رقم 1119)، والنسائي (4/182، رقم 2283). وأخرجه أيضًا: أبو يعلى (7/209، رقم 4203)، وابن حبان (8/325، رقم 3559)

[30] - الوصال: المواصلة في الصوم: هو أن يصوم يومين أو ثلاثة لا يفطر فيها.

[31] - (إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني): قيل هو على ظاهره وأنه يطعم من طعام الجنة كرامة له وطعام الجنة لا يفطر وقيل معناه يجعل في قوة الطاعم والشارب بقدرته من غير طعام ولا شراب وصححه النووي وقيل معناه يخلق في الشبع والري مثلما يخلقه فيمن أكل وشرب قال القرطبي وهذا القول يبعده النظر إلى حاله صلى الله عليه وسلم إذ كان يجوع أكثر مما يشبع ويربط على بطنه الحجر من الجوع قال ويبعده أيضا النظر إلى المعنى لأنه لو خلق فيه الشبع والري لما وجد لعبادة الصوم روحها الذي هو الجوع والمشقة) (الديباج على مسلم (3/ 201)

[32] -المنكل والتنكيل: نكل به: إذا جعله عبرة لغيره، وقيل: هو العقوبة

[33] - رواه البخاري (1965) ومسلم (2/774).

[34] - المتعمقون: المتعمق: المبالغ في الأمر، المتشدد فيه، الذي يطلب أقصاه.

[35] - رواه مسلم (2/776).

[36] - قال النووي رحمه الله -فيه دلالة لمذهب الأكثرين أن الصائم اذا أكل أو شرب أو جامع ناسيا لا يفطر وممن قال بهذا الشافعي وأبو حنيفة وداود وآخرون وقال ربيعة ومالك يفسد صومه وعليه القضاء دون الكفارة وقال عطاء والأوزاعى والليث يجب القضاء في الجماع دون الأكل وقال أحمد يجب في الجماع القضاء والكفارة ولا شيء في الأكل)( شرح النووي على مسلم (8/ 35)

[37] - البخاري (4/155)، ومسلم (1155).

[38] - أحرورية أنت: نسبة إلى حروراء، وهى قرية بقرب الكوفة، قال السمعاني: هو موضع على ميلين من الكوفة، كان أول اجتماع الخوارج به، قال الهروي: تعاقدوا في هذه القرية فنسبوا إليها، فمعنى قول عائشة -رضي الله عنها -: إن طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة! الفائتة في زمن الحيض، وهو خلاف إجماع المسلمين، وهذا الإستفهام الذي استفهمته عائشة هو استفهام إنكارى. أي هذه طريقه الحرورية، وبئست الطريقة.

[39] - وأخرجه البخاري (321)، ومسلم (335)، وأبو داود (262) و (263)، والترمذي (130)، والنسائي 1/ 191 - 192 و 4/ 191 من طرق عن معاذة، بهذا الإسناد.وهو في "مسند أحمد" (24036)، و"صحيح ابن حبان" (1349).

[40] - [ أفي كل عام يا رسول الله ؟ ] :أي هل الحج في كل سنة ؟ للأمر به في قوله: « فحجوا » ولكن بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يجب في العمر إلا مرة واحدة وهذا من يسر الشريعة وسماحتها إذ لو كان الحج كل عام لشق على العباد ولما استطاعوا ذلك بلفظ رسول الله : « لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ».

وفي الحديث دليل على أن السنة الأصل الثاني من أصول التشريع إذ يقول الرسول: «لو قلت نعم لوجبت» دليل على أنه مشرع وأهل العلم مجمعون بأن السنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع ومن قال أنه لا يقبل إلا القرآن دون السنة فقد نقل السيوطي الإجماع على ردته وكفره.)( كتاب الحج - شرح بلوغ المرام (ص: 24)

[41] - أخرج أحمد 2/508، ومسلم 1337 في الحج: باب فرض الحج مرة في العمر، والبيهقي4/326 من طريق يزيد بن هارون، والنسائي 5/110-111 في المناسك: باب وجوب الحج، عن المغيرة بن سلمة، والدارقطني 2/281 عن

[42] -قال الحافظ ابن حجر : " ( عليكم بما تطيقون ) : أي استغلوا من الأعمال بما تستطيعون من المداومة عليه، فمنطوقه الأمر بالاقتصار على ما يطاق من العبادة، ومفهومه يقتضي النهي عن تكلف ما لا يطاق ".( إيقاظ الأفهام في شرح عمدة الأحكام (2/ 23))

[43] - صحيح البخاري (2/ 54) مسند أبي يعلى (8/ 115)

[44] - فَتَرَتْ : الفُتُور : ضد النشاط والخفة.

[45] - ذكر ما يستفاد منه فيه الحث على الاقتصاد في العبادة والنهي عن التعمق والأمر بالإقبال عليها بنشاطه وفيه أنه إذا فتر في الصلاة يقعد حتى يذهب عنه الفتور وفيه إزالة المنكر باليد لمن يتمكن منه وفيه جواز تنفل النساء في المسجد فإن زينب كانت تصلي فيه فلم ينكر عليها وفيه كراهة التعلق بالحبل في الصلاة وفيه دليل على أن الصلاة جميع الليل مكروهة وهو مذهب الجمهور وروي عن جماعة من السلف أنه لا بأس به وهو رواية عن مالك رحمه الله تعالى إذا لم ينم عن الصبح) (عمدة القاري شرح صحيح البخاري (11/ 346)

[46] - أخرجه البخاري (2/67). ومسلم (2/189) وابن ماجة (1371)، والنسائي (3/218)

[47] - (حم) 24522، (حب) 4095، (ك) 2739، (طس) 3612،وصححه الألباني في الإرواء تحت حديث: 1928، وصحيح الجامع

[48] - المغالاة: التكثير. عون المعبود - (ج 4 / ص 494)

[49] - جمع صداق. عون المعبود - (ج 4 / ص 494)

[50] - أخرجه أبو داود 2106، و الترمذي 1114 و النسائي 3349، وابن ماجه) 1887، (والإمام احمد) 340

[51] -أي: حتى يعاديها في نفسه عند أداء ذلك المهر، لثقله عليه حينئذ، أو عند ملاحظة قدره وتفكره فيه بالتفصيل. شرح سنن النسائي - (ج 5 / ص 52)

[52] - المراد بعلق القربة: ما يقع من التواء الرشاء على الدلو عند النزع من البئر، فيشق ذلك على النازع، فأما قول الناس: عرق القربة، فهو تصحيف.

[53] - أخرجه ابن ماجه) 1887، (والإمام احمد) 285، وصححه الألباني في الإرواء: 1927،

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf