أثر الاستغفار في حياة الأبرار.pdf



أثر الاستغفار في حياة الأبرار

الشيخ السيد مراد سلامة

الخطبة الأولى

أمة الحبيب المحبوب حبيب علام الغيوب صلى الله عليه وسلم – حياكم الله تعالى و بياكم حديثنا إليكم اليوم عن أثر الاستغفار في حياة الأبرار 

تلك العبادة التي هي سلم الوصول إلى كل مأمول....

 والتي هي طريق النجاة من كل مكروه....

والتي هي سبيل الأمن والاستقرار في حياة الأخيار....

والتي هي سلاح الأطهار ضد الأضرار الأخيار ....

إلى كل من يشتكي الذنوب .... إلى كل من يشتكي الفقر والفاقة .... إلى كل من يشتكي الجدب والجفاف.... إلى كل من يشتكي العقم ....... إلى كل من يرجو النجاة والجنة ......هيا لنتعرف على أثر الاستغفار في حياة الأبرار ..........................................

الاستغفار شعار الأنبياء الأطهار:

معاشر الموحدين: اعلموا أن الاستغفار سنة الأنبياء والمرسلين المستقدمين منهم والمستأخرين، فها هما الأبوين الكريمين يستغفران الله: ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]،

وهذا نبي الله نوح يستغفر لنفسه ولوالديه ولكل مؤمن ومؤمنة: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [نوح: 28]، وها هو إبراهيم عليه السلام يستغفر لنفسه ولأبيه قبل أن ينهى، ولكل مؤمنٍ سابق ولاحق: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 41]،

وها هو نبي الله موسى عليه السلام يستغفر الله:﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي [القصص: 16]،

 وها هو نبي الله داود يستغفر: ﴿ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ﴾ [ص: 24]،

 وها هو نبي الله سليمان يستغفر: ﴿ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [ص: 35]،

وها هو خيرهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم يأمره ربه جل وعلا بالاستغفار لنفسه وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19]

الاستغفار دأب الأتقياء:

و اعلموا يا رعاكم الله: أن المتقين شعارهم التوبة و الإنابة و الاستغفار ما إن يقعوا في ذنب أو معصية، إلا ويسارعوا بالتوبة والاستغفار؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [آل عمران: 135].

انظر إليهم و هم يناجون الله وهم بين يديه في الأسحار يقول الله تعالى {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [سورة آل عمران:16-17]

عن أبيه قال: سمعت رجلا في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: ربّ أمرتني فأطعتك، وهذا سحرٌ، فاغفر لي. فنظرت فإذا ابنُ مسعود.

ما زلتُ أُعرف بالإساءة دائمًا    ويكون منك العفو والغفران

لم تنتقصني إن أسأت وزدتني    حتى كأن إساءتي إحسان

منك التفضل والتكرم والرضا        أنت الإله المنعم المنّان

الاستغفار وأثره في السعة والرخاء:

 أمة الإسلام: إن للاستغفار أثر بالغ في حل مشكلاتنا اليومية اقتصادية أو اجتماعية و سياسية، وهذه ليست دروشة كما يقول العلمانيون أو الملحدون و إنما هي حقائق أثبتها الله تعالى في كتابه العزيز ،فهذا نبي الله نوح عليه السلام يُبيِّن لنا ثمرات وكنوز الاستغفار: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [نوح: 10]، وهذا نبيُّ الله هود عليه السلام يكتشف لنا سرًّا من أسرار الاستغفار في نزول الغيث وزيادة القوة: ﴿ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ﴾ [هود: 52].

الاستغفار من أعظم أسباب نزول الخيرات والبركات والرحمات وحلٌّ لكثير من المشكلات؛ فبالاستغفار تكون الحياة الطيبة والمتاع الحسن؛ كما قال تعالى: ﴿ وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [هود: 3]، وبالاستغفار تُفرَّج الهموم والكُرُبات؛ عن عَلِىِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:مَنْ لَزِمَ الاِسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ.[1]

 إنَّ الاستغفار أيها الإخوة علاجٌ أكيدٌ لكثيرٍ من المشكلات الاقتصادية وغلاء الأسعار، وتأمَّل إلى التدابير والإصلاحات الاقتصادية التي اتَّخذها أميرُ المؤمنين عمر رضي الله عنه في عام الرمادة في السنة الثامنة عشرة من الهجرة؛ حيث حصل قَحْطٌ شديدٌ، وقلَّ الطعام، واستمرَّ ذلك تسعةَ أشهرٍ، وسُمِّي عام الرمادة؛ لأن الريح كانت تَسْفي ترابًا كالرماد! فما هي التدابير والإصلاحات الاقتصادية التي قام بها عمر رضي الله عنه؟ فقد حثَّ الناس على كثرة الصلاة والدعاء واللجوء إلى الله تعالى والتوبة والاستغفار، ثم خرج يُصلِّي بالناس صلاةَ الاستسقاء، وصعد المنبر، فما زاد على الاستغفار وتلاوة الآيات في الاستغفار، ثم قال: طلبت الغيث بمخارج السماء التي يستنزل بها المطر.

ذكر الإمام القرطبي: أن رجلًا شكا إلى الحسن البصري الجدب فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر، فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادْعُ الله أن يرزقني ولدًا، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فلما سُئِل عن ذلك؟ قال: إن الله عز وجل يقول في سورة نوح: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا... [نوح: 10]؛ الآيات.

استأجر الحسن البصري رحمه الله يومًا حمَّالًا؛ ليحمل متاعَه من السوق إلى البيت، فكان يسمعه طوال الطريق يُردِّد كلمتين لا يزيد عليهما: (الحمدُ للهِ، أستغفرُ اللهَ) فلمَّا وصل إلى بيته وأعطاه أجره سأله عن ذلك؟ فأجاب: أنا في حياتي كُلِّها مع الله بين أمرين: نعمة لله عليَّ تستحق مني (الحمد)، وتقصير في حقِّ الربِّ يستحقُّ (الاستغفار)، فضرب الحسن كفًّا بكفٍّ، وقال: حمَّالٌ أفقهُ منك يا حسن!

الاستغفار وقاية من الهلاك والدمار

أيها الأحباب اعلموا أن الاستغفار: حبل نجاة للغارقين، وسفينة فوز للهالكين، وحصن حصين للخائفين, ووثيقة أمان للمحبطين, فلنكن من المستغفرين

أَتَيتُكَ راجِياً يا ذا الجَلالِ      فَفَرِّج ما تَرى مِن سوءِ حالي

عَصَيتُكَ سَيِّدي وَيلي بِجَهلي    وَعَيبُ الذَنبِ لَم يَخطُر بِبالي

إِلى مَن يَشتَكي المَملوكُ إِلّا     إِلى مَولاهُ يا مَولى المَوالي

لَعَمري لَيتَ أُمّي لَم تَلِدني     وَلَم أُغضِبكَ في ظُلمِ اللَيالي

فَها أَنا عَبدُكَ العاصي فَقيرٌ      إِلى رُحماكَ فَاِقبَل لي سُؤالي

فَإِن عاقَبتَ يا رَبّي تُعاقِب      مُحِقّاً بِالعَذابِ وَبِالنَكالِ

وَإِن تَعفُ فَعَفوُكَ قَد أَراني       لِأَفعالي وَأَوزاري الثِقالِ

ها هو سيدنا يونس عليه السلام، قال تعالى: ﴿ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء: 87، 88]، وفي الحديث الصحيح عن سعد , قال: قال رسول الله , صلى الله عليه وسلم: دَعْوَةُ ذِى النُّونِ إذا دعا , وهُوَ فِى بَطْنِ الْحُوتِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ , فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رجل مُسْلِمٌ فِى شَىْءٍ قَطُّ , إِلاَّ اسْتَجَابَ الله لَهُ.[2]

، فهي تهليل وتسبيح واستغفار وقرآن ودعاء، فمن دعا بها موقنا بالإجابة، وقد انتفيت في حقه موانع الإجابة نالها بإذن الله جل جلاله، ومن دعا بها في كربه فرَّجه الله عنه بإذن الله.

وروى الشعبي أن عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال: ((عجبت لمن يهلك والنجاة معه، قيل له: ما هي؟ قال: الاستغفار)).[3]

وقال ابن تيمية -رحمه الله-: "الذنوب سبب للضرِّ، والاستغفار يُزيل أسبابه؛ كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الأنفال: 33]، فأخبر أنه سبحانه لا يعذِّب مستغفرًا"

ولَقَدْ حدث فِي مصر أن أحد الأثرياء الصالحين لم يجد سبيلًا - فِي فترة من الفترات - لري أرضه، وكاد الزرع يصبح حطامًا، فجلس الرجل وسط مزرعته الفسيحة، وقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ وقولك الحق: ﴿ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وها أَنَا ذا يَا رب أستغفرك راجيًا أن تفيض عَلَيْنَا من رحمتك.

ثُمَّ أخذ فِي الاستغفار، ومضت ساعات وَهُوَ يتابع الاستغفار فِي همة وَفِي ثقة بموعود الله تعالى، وَإِذَا بالسماء تتلبد بالغيوم، وَإِذَا بالمطر ينزل فياضًا مدرارًا، ومن المعروف أن الصالحين حينما يصبهم ضعف يلجؤون إِلَى الله باستغفار، فيتحقق لَهُمْ وعده: ﴿ وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ .

سبب لقبول الدعاء واستجابة الرجاء:

والاستغفار سبب لقبول الدعاء واستجابة الرجاء , قال تعالى : {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} (77) سورة الفرقان.

وقال : {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ } (61) سورة هود.

قيل لما زار أحمد بن حنبل بغداد ولم يعلم أهل بغداد بحضور الشيخ وكان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد ، ولكن مُنع من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد حاول مع الإمام ولكن لا جدوى ، فقال له الإمام سأنام موضع قدمي وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه ، فقام حارس المسجد بجرّه لإبعاده من مكان المسجد ، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخ وقور تبدو عليه ملامح الِكبر ، فرآه خباز فلما رآه يُجرّ بهذه الهيئة عرض عليه المبيت عنده ، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز ، فأكرمه ونعّمه ، وذهب الخباز لتحضير عجينه لعمل الخبز ، سمع الإمام أ حمد الخباز يستغفر ويستغفر ويستغفر ،ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال فتعجب الإمام أحمد بن حنبل ، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخباز عن استغفاره في الليل ، فأجابه الخباز : أنه طوال ما يحضر عجينه ويعجن فهو يستغفر ، فسأله الإمام أحمد : وهل وجدت لاستغفارك ثمره ، والإمام أحمد سأل الخباز هذا السؤال وهو يعلم ثمرات الاستغفار ، يعلم فضل الاستغفار يعلم فوائد الاستغفار فقال الخباز : نعم ، والله ما دعوت دعوة إلا أُجيبت لي ، إلا دعوة واحدة فقال الإمام أحمد : وما هي ؟؟فقال الخباز : رؤية الإمام أحمد بن حنبل فقال الإمام أحمد : أنا أحمد بن حنبل ، والله إني جُررت إلي ك جراً .

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة * * * فلقد علمت بأن عفوك أعظم

إن كان لا يرجوك إلا محسن * * * فبمن يلوذ ويستجير المجرم

أدعوك ربي كما أمرت تضرعا * * * فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم

ما لي إليك وسيلة إلا الرجاء * * * وجميل عفوك ثم أني مسلم

أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

أما بعد :............................................

الاستغفار وقاية من النار:

إخوة الإسلام: إذا أردتم النجاة من نار حرها شديد وقعرها بعيد ومقامعها من حديد فعليكم بالإكثار من الاستغفار ففيه النجاة وفيه الفرح والسرور يوم يبعثر ما في القبور، عن عَبْد اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِى صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا.[4]

الاستغفار شهادة ضمان لدخول جنة الرحمن:

و الاستغفار أيها الأخيار سبيل إلى  دخول الجنة بل دلنا النبي صلى الله عليه وسلم على شهادة ضمان لدخول جنة الرحيم الرحمن فعن شدَّاد بن أوسٍ رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال له: ((سيِّدُ الاستغفار أن تقُول: اللهمَّ أنت ربي، لا إله إلَّا أنت، خلقتَني وأنا عبدُك، وأنا على عهدِك ووعدك ما استطعتُ، أعُوذُ بك من شرِّ ما صنعتُ، أبُوءُ لك بنعمتك عليَّ وأبُوءُ لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفرُ الذُّنُوب إلَّا أنت))، قال: ((ومَن قالها من النَّهار موقِنًا بها، فمات من يومه قبل أن يُمسي، فهو من أهل الجنَّة، ومَن قالها من اللَّيل وهو مُوقنٌ بها، فمات قبل أن يُصبح، فهو من أهل الجنَّة))؛ البخاري.[5]

قال الله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135، 136]؛ فالصالحون يخطئون، لكنهم يبادرون بالاستغفار والتوبة، فأعقَبَهم الله بكثرة استغفارهم جنات النعيم.

عن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز، قال: رأيتُ أبي في النوم بعد موته كأنه في حديقةٍ، فرفع إليَّ تفاحات، فأوَّلتهن بالولد, فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: الاستغفار يا بُنَي.[6]

الاستغفار سبب لرفعة الدرجات:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( «إن الله عز وجل ليَرفَعُ الدرجةَ للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنَّى لي هذه، فيقول: باستغفارِ ولدِك لك» ))[7]

 فانظر كيف يرفع الاستغفارُ العبدَ المؤمن بعد موته؟ فإن كان أحدُ والديك قد تُوفِّي، فاستغفِرْ له كثيرًا، فإن هذا مِن أعظم ما ينفعه في قبره.

الدعاء ..................................

 



[1] - أخرجه أحمد 1/248 (2234)

[2] - أخرجه أحمد 1/170 (1462). والتِّرْمِذِيّ" 3505).

[3] - الأثر في إتحاف السادة المتقين شرح إحياء علوم الدين باب: في فضيلة الاستغفار - الآثار الواردة فيه، ج 5 ص 61 بلفظ مقارب عن على بن أبى طالب - رضي الله عنه -.

[4] - أخرجه ابن ماجة (3818) ، و (النسائي في "عمل اليوم والليلة" 455"

[5] - أخرجه أحمد 4/122 (17240) والبخاري" 8/83 (6306)

[6] - "المنامات" (26).

[7] - أخرجه أحمد (2/ 509).


أثر الاستغفار في حياة الأبرار.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf