حرارة الصيف دروس و عبر.pdf



حرارة الصيف دروس و عبر

الشيخ السيد مراد سلامه

الوقفة الأولى: أنّ الحر دليل على ربوبية الله

الوقفة الثانية: القرآن والصيف .

الوقفة الثالثة: الحر من نفس جهنم

الوقفة الرابعة: الصبر والصيف:

الوقفة الخامسة : الصوم .

الوقفة السادسة في سِيَر السَّلَفِ عندَ تقلُّب الأزمانِ وفي مسَارَعتِهم إلى الخيراتِ

♦♦♦♦♦♦

أخي المسلم:اليوم حيث درجة الحرارة الملتهبة و حيث الفرار من وهج المحرقة يتذكر المسلم نار الله الكبر و يتذكر حرارة يوم القيامة يوم أن تدنو الشمس من رؤوس العباد قدر ميل {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ } [الواقعة: 71 - 74]

في اختِلافِ اللَّيل والنّهار عِبرٌ، وفي تَقلُّبِ الزَّمان مدَِّكر، في تلوُّن الزمان من شتاءٍ وصَيف ما يبهر المتعقّلين ويُنبِّه المتذكّرين ويجذِب أفئدةَ الصّادقين إلى الدّلالات الواضِحَة والبراهين البيِّنَة على عَظَمَة الخالق وبديعِ الرّازق وعلى وحدانيَّتِه وقدرته سبحانه{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران: 190، 191]}.

الوقفة الأولى: أنّ الحر دليل على ربوبية الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يقلّب الليل والنهار.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: "ثم تأمل الحكمة البالغة في الحرّ والبرد وقيام الحيوان والنبات عليهما، وفكِّر في دخول أحدهما على الآخر بالتدريج والمهلة حتى يبلغ نهايته، ولو دخل عليه فجأة لأضرّ ذلك بالأبدان وبالنبات، ولولا العناية والحكمة والرحمة والإحسان من الله لما كان ذلك..

الوقفة الثانية: القرآن والصيف جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:

{لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ } [قريش: 1 - 2]. قال المفسرون كانت لقريش رحلتان: رحلة بالشتاء إلى اليمن، لأن اليمن أدفأ، لأنها بلاد حامية، ورحلة بالصيف إلى الشام لأنها بلاد باردة.

قال مالك رحمه الله: الشتاء نصف السنة، والصيف نصفها.

وقال آخرون: الزمان أربعة أقسام: شتاء، وربيع، وصيف، وخريف. إن عملية تحديد الوقت في فصول السنة من الأمور الإدارية التي ذكرها الله تعالى في سورة قريش. فظروف الطقس لجغرافية جزيرة العرب تؤكد معاني هذه السورة.

فالطقس في الشتاء في شمال الجزيرة العربية والشام شديد البرودة، بالإضافة للأمطار أو الثلوج.

لهذا، فإن سير قوافل التجارة في ذلك الفصل إلى الشمال، من الصعب، لأن الإبل والجمال تتحمل الحرارة، أما البرودة فتصعب عليها.

* أما فيما يختص برحلة الشتاء إلى الجنوب في اليمن فقد كان الطقس معتدلاً ممطراً خفيفاً. لهذا كانت رحلة الشتاء إلى الجنوب. إضافة إلى أن الدورة الزمنية لقوافل قريش كانت تستغرق في رحلتها ذهاباً وإياباً من شهرين إلى ثلاثة شهور. مما يؤكد أن زمن سير القافلة كان يتفق مع الطبيعة الجغرافية للجزيرة العربية وظروف الطقس بها.

الوقفة الثالثة: الحر من نفس جهنم :

جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت النار إلى ربها، فقالت: يا رب أكل بعضي بعضاً، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في الصيف، فأشد ما تجدون من الحر من سموم جهنم، وأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم. كما وقوله عليه الصلاة والسلام وشدة حر الصيف، من فيح جهنم” وقد ورد: “كان رسول الله يلبس ثياب الصيف في الشتاء، وثياب الشتاء في الصيف”، و”كان قدر صلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام الظهر في الصيف”

إن فصل الصيف في الإسلام تذكرة وموعظة. نعم، إنه يذكر المؤمن من جهة بحرارة جهنم وسعيرها، تلك النار التي جاء في كثير من الأحاديث وصفها، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوقدت النار ألف سنة فابيضت ثم أوقدت ألف سنة فاحمرت ثم أوقدت ألف سنة فاسودت فهي سوداء كالليل المظلم * ( ضعيف ) رواه الترمذي وابن ماجة والبيهقي.

وجاء في القرآن الكريم في سورة التوبة قوله تعالى: فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [التوبة: 81، 82].

والمؤمن يتذكر أن رسول الله أخبره أن النار تتنفس مرتين في السنة، مرة في الشتاء حيث يكون الزمهرير والبرد القارس، ومرة في الصيف حيث تكون الحرارة مرتفعة، ومن ثم فقد روى الشيخان وغيرهما

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا بالصَّلاةِ فإنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ) أعاذنا الله منها.

روى الإمام أحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلام: مَا لِى لَمْ أَرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا قَطُّ؟ قَالَ: مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعنا وَجْبَةً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أتدرون ما هذا))، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: ((هذا حجر رُمي به في النار منذ سبعين خريفاً، فهو يهوي في النار الآن، حين انتهى إلى قعرها)) رواه مسلم.

عباد الله، قال الله تعالى: وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ [فاطر:37]. وقال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ (12) وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (13) فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [السجدة: 12 - 14]

إن هذه الآيات لم تنـزل علينا عبثاً وإنّا ـ والله الذي لا إله إلا هو ـ لمحاسبون، فلا تُضيِّعوا أعماركم، وتَفَكَّروا ـ فو الله ـ لقد ذهب الكثير ولم يبقَ إلا القليل.

وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((ناركم هذه ـ التي يوقِد ابن آدم ـ، جزء من سبعين جزءاً من حر جهنم))، قالوا: والله إن كانت لكافية يا رسول الله، قال: ((فإنها فضّلت عليها بتسعة وستين جزءاً، كلهنّ مثل حَرِّها)).

إن الطريق الوحيد لتخليص الإنسان نفسه من النار هو الابتعاد عن الشهوات، كما أخبر بذلك الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام عن أبي هريرة عن رسول الله {صلى الله عليه وسلم} قال حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات

وفي رواية للبخاري: ((حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره)) وهذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، وبديع بلاغته في ذم الشهوات وإن مالت إليها النفوس، والحض على الطاعات وإن كرهتها النفوس وشق عليها، وقد ورد إيضاح ذلك من وجه آخر.

فقد روى غير واحد من أصحاب السنن من حديث أبي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى الْجَنَّةِ فَقَالَ انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا

فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ

فَقَالَ اذْهَبْ إِلَيْهَا فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا

فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ

فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ

قَالَ اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَى النَّارِ وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَرَجَعَ فَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ ، فَقَالَ ارْجِعْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ فَرَجَعَ وَقَالَ وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا( النسائي )

الوقفة الرابعة: الصبر والصيف:

إن مما يؤمر بالصبر فيه على حر الشمس، النفس للجهاد في الصيف، كما قال تعالى عن المنافقين { وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}[التوبة: 81] .

وكذلك في المشي إلى المساجد للجمع والجماعات وشهود الجنائز ونحوها من الطاعات والجلوس في الشمس لانتظار ذلك حيث لا يوجد ظل.

* خرج رجل من السلف إلى الجمعة فوجد الناس قد سبقوه إلى الظل، فقعد في الشمس فناداه رجل من الظل أن يدخل إليه فأبى أن يتخطى الناس لذلك ثم تلا { وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [لقمان: 17] .

الوقفة الخامسة : الصوم والصيف إن مما يضاعف ثوابه

في شدة الحر من الطاعات الصيام لما فيه من ظمأ الهواجر، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( « مَنْ صَامَ يَوْماً فِى سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ النَّارَ عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِينَ خَرِيفاً » . أخرجه البخاري ومسلم

وهكذا كان رسول الله و السلف الصالح رحمهم الله تعالى يصومون حتى مع شدِّة الحر * قال أبو الدرداء : (صوموا يومًا شديدًا حرُّه لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور).

* وكان بَعضُ السَّلف إذا رجَع من الجُمُعة في حرِّ الظهيرةِ يذكر انصرافَ الناسِ مِن موقف الحسابِ إلى الجنّة أو النار، لأن السَّاعةَ تقوم يومَ الجمعة فينصرف أهلُ الجنّة إلى الجنّة وأهلُ النّار إلى النار، ثم يتلوا: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً}

نسيتَ لظَى عند ارتِكـابِك للهوى ** وأنت تَوََقَّـى حرَّ شَمس الهوا جر

* ولهذا كان معاذ بن جبل رضي الله عنه عند احتضاره يتأسف على ما يفوته من ظمأ الهواجر وكذلك غيره من السلف.

* وقد ورد أن الصديق رضي الله عنه كان يصوم في الصيف ويفطر في الشتاء.

* وقد وصى الفاروق رضي الله عنه عند موته ابنه عبدالله فقال له عليك بالصيام في شدة الحر في الصيف. وكانت عائشة رضي الله عنها تصوم في الحر الشديد

وكان مجمّع التيمي رحمه الله يصوم في الصيف حتى يسقط

* وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حراً فتصومه فيقال لها في ذلك، فتقول إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد،

في إشارة إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم وهذا من علو الهمة.

الوقفة السادسة في سِيَر السَّلَفِ عندَ تقلُّب الأزمانِ وفي مسَارَعتِهم إلى الخيراتِ سائرَ الأزمان قُدوةٌ لمن تدبَّر واعتبرَ،

روي أنّ أبا بكرٍ كان يَصوم في الصَّيف ويُفطِر في الشتاء، * ووَصّى عمرُ رضي الله عنه ابنَه عبدَ الله فقال: (عليك بخصال الإيمان)، وسمَّى منها الصومَ في شدّةِ الحرِّ في الصيفِ،

* قال الحسن رحمه الله: كل برد أهلك شيئاً فهو من نفس جهنم، وكل حر أهلك شيئاً فهو من نفس جهنم.

* رأى عمر بن عبدالعزيز رحمه الله فوجاً في جنازة قد هربوا من الشمس إلى الظل، وتوقوا الغبار، فبكى ثم أنشد.

مَن كان حين تصيب الشمس جبهته ***أو الغبار يخاف الشين والشعثا

ويألف الظل كي يبقى بشاشته ***فسوف يسكن يوماً راغماً جَدَثَا

في ظل مقفرة غبراء مظلمة*** يطيل تحت الثرى في غمّها اللبثا

تجهزي بجهاز تبلغين به يا ***نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا

* خرج ابن عمر رضي الله عنهما في سفر معه أصحابه فوضعوا سفرة لهم فمر بهم راع فدعوه إلى أن يأكل معهم. قال إني صائم. فقال ابن عمر: في مثل هذا اليوم الشديد حره، وأنت بين هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وأنت صائم.

فقال: أبادر أيامي هذه الخالية.

فعجب منه ابن عمر فقال له: هل لك أن تبعينا شاة من غنمك ونطعمك من لحمها ما تفطر عليه ونعطيك ثمنها،

قال: إنها ليست لي – إنها لمولاي – قال فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب فمضى الراعي وهو رافع أصبعه إلى السماء وهو يقول: فأين الله. فلم يزل ابن عمر يردد كلمة الراعي. فلما قدم المدينة بعث إلى سيد الراعي فاشترى منه الراعي والغنم، فأعتق الراعي ووهب له الغنم

* روى الدينوري في كتابه ( المحاسبة ) عن سعيد بن أبي عرُوبَة قال :

( حج الحجاج , فنزل بعض المياة بين مكة و المدينة و دعا بالغداء , فقال لحاجبه : انظر من يتغدى معي 00 فنظر نحو الجبل , فإذا هو بأعرابي فقال له : ائت الأمير , فأتاه , فقال له الحجاج : أغسل يديك و تغدى معي

فقال: إنه دعاني من هو خير منك فأجبته 0

قال: ومن هو ؟

قال: الله تبارك و تعالى دعاني إلى الصوم فصمت 0

قال: في هذا الحر الشديد ؟

قال: نعم , صمت ليوم هو أشد حر من هذا اليوم 0

قال: فأفطر وتصوم غدا 0

قال: إن ضمنت لي البقاء إلى غد 0

قال : ليس ذاك إلي 0

قال : فكيف تسألني عاجلا بآجل لا تقدر عليه ؟

قال : إنه طعام طيب 0

قال : لم تطيبه أنت ولا الطباخ , ولكن طيبته العافية ) 0

وتزوج صلة بن أشيم فدخل الحمام ثم دخل على زوجته تلك الليلة فقام يصلي حتى أصبح وقال: دخلت بالأمس بيتا ذكرني النار ودخلت الليلة بيتا ذكرت به الجنة فلم يزل فكري فيهما حتى أصبحت

كان بعض السلف إذا أصابه كرب الحمام يقول: يا بر يا رحيم من علينا وقنا عذاب السموم

صب بعض الصالحين على رأسه ماء من الحمام فوجده شديد الحر فبكى وقال: ذكرت قوله تعالى: {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} [الحج: 19] .

كان أبو موسى الأشعري في سفينة فسمع هاتفا يهتف: يا أهل المركب قفوا يقولها ثلاثا فقال أبو موسى: يا هذا كيف نقف ألا ترى ما نحن فيه كيف نستطيع وقوفا

فقال الهاتف: ألا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه؟

قال: بلى أخبرنا قال: فإن الله قضى على نفسه أنه من عطش نفسه لله في يوم حار كان حقا على الله أن يرويه يوم القيامة فكان أبو موسى يتوخى ذلك اليوم الحار الشديد الحر الذي يكاد الإنسان ينسلخ منه فيصومه

قال كعب: إن الله تعالى قال لموسى: إني آليت على نفسي أنه من عطش نفسه لي أن أرويه يوم القيامة

وقال غيره: مكتوب في التوراة طوبى لمن جوع نفسه ليوم الشبع الأكبر طوبى لمن عطش نفسه ليوم الري الأكبر.

حرارة الصيف دروس و عبر.pdf

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خطبة فيض الإله بخلق المواساة.pdf

الحقوق العشر للوطن في الإسلام

خطبة الحفاظ على الأوطان من المعاصي التي تدمر البلدان.pdf