رمضان والهوية الإسلامية.pdf
رمضان والهوية الإسلامية
الشيخ السيد مراد سلامة
الخطبة الأولى
أما بعد : إخوة
الإسلام: إن شهر رمضان يذكرنا بأننا أصحاب مجد وأصالة، وأصحاب تاريخ وحضارة .......
بأننا أمة ذات هوية قوية، وذات عزيمة أبية ، وذات همة علية ......................
شهر رمضان يذكرنا بهويتنا وأن مصدر
عزنا وقوتنا كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم
شهر رمضان يذكرنا بأن هويتنا ذات تميز
ولا تذوب في الأخر.........................
شهر رمضان يذكرنا بهويتنا التي أهوت
عروش كسرى وقيصر.......................
يذكرنا بهويتنا التي أهوت الحروب
الصليبية .......................................
يذكرنا بهويتنا التي أهوت وقهرت الحروب
التتارية ...............................
يذكرنا بهويتنا التي ربما تمرض ولكنها
لا تموت لأن جذورها في أعماق التاريخ ضاربة ...............
يذكرنا بهويتنا التي ربما تضعف ولكنها
لا تذل ........................
علموا عباد الله إن من مزايا شهر رمضان
المبارك أنـه معلم من معالم هويـة هذه الأمـة الربانية، ففيه أنزل القرآن إيذانـاً
بربط البشرية بخالقها من جديد بعد أن اجتالتها الشياطين عن الحنيفية السمحة، وفيه
يتجلى البعد الروحي للعبادات في الإسـلام كما لا يكون في سواه .
الصوم في الإسلام عبادة عظيمة،
ولعظمتها نالت الركنية في مبنى الإسلام العظيم، فلا غرابة أن يشتمل هذا الركن على
مقاصد جليلة تتعلق بالأفراد وبجماعة المسلمين، ومن أهم تلك المقاصد ما يتحقق به من
الحفاظ على الهوية الإسلامية، وتجديد الخصوصية لهذه الأمة ببعض أحكامه وتعاليمه
التي تميزت به هذه الأمة من بين الديانات والثقافات المختلفة
أولا: مصدر الهوية
الإسلامية في رمضان هو القرآن الكريم:
أخوة
الإسلام الكرام: إن مصدر عز الأمة و شرفها و مصدر هويتها التي تميزها عن
غيرها هو ذلك الكتاب الذي أنزله الله تعالى في شهر رمضان ليكون دستورا للأمة و
منهجا تسير على نهجه و نورا تهتدي في
ظلمات الحياة و منهلا تنهل منه الأمة، و قاضيا يقضي بينهم، و قائدا يقودهم إلى السعادة
الدنيوية و الاخروية ،و غذاء للأروح تستمد
منه طاقتها وروحانيتها، إنه القرآن قال ربنا: ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ
كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾،تردد
العلماء في تفسير هذه الآية، وأرضى التفاسير عندي هو تفسير ابن عباس رضي الله
عنهما، أي: فيه شرفكم، "لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم" أي: فيه
شرفكم، وقال ربنا سبحانه: "وإنه لذكر لك ولقومك" لشرف لك ولقومك.
ولأهمية القرآن الكريم، والسنة النبوية
المطهرة كمصدرين أساسين للهوية الإسلامية، فقد اعتنى الشارع الحكيم اعتناء كبيراً
بالمحافظة عليهما، فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
﴾
وقـال سبحانه وتعـالى: ﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي
أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ
وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ﴾،
وكلتا الآيتين الكريمتين تشيران إلى ضرورة
التمسك بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة لأن فيهما العزة، والرفعة، للإنسان المسلم،
ولهذا فهما موضع الفخر، والاعتزاز بهما، قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ
وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾.
ثانيا: القرآن الكريم وهوية التميز الولاء والبراء:
و القرآن الكريم أيها الإخوة الكرام
جاء ليحافظ على الهوية المسلمة حتى لا تذوب مع الأخر فتذوب هويتها و ينسلخ أبناؤها
عن هويتهم لذا جاء القرآن الكريم ليضع الضوابط و الحدود التي تحافظ على تلك الهوية
و من أبرز تلك الضوابط ضابط الولاء و البراء الذي لا يكون إلا لله و لرسوله و
لعباده المؤمنين قال الله تعالى ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ
أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (23) قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ
وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ
اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا
أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي
الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة:
23-24]
نهاهم عن اتخاذ اليهود و النصارى أولياء فقال
سبحانه ﴿يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ
فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ
فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) وَيَقُولُ
الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ
أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا
خَاسِرِينَ ﴾ [المائدة: 51-53]
ثالثا: التأكيد على الهوية الإسلامية في الصيام:
إخوة الإسلام الكرام: اعلموا أن الشريعة
كلها بما فيها الصوم حافظت على بناء الخصوصية لهذه الأمة، بناء على طبيعة وجودها
الخاتم، ووسطيتها في كل شيء، فجاء الصوم مؤكدا لهذا المعنى من خلال النهي عن
التشبه بالأمم الأخرى في بعض الأحكام والتعاليم، مع أنها عبادة واحدة في جوهرها،
لكن تمييز هذه الأمة أصل جار في فروع الشريعة كثيرا.
مخالفة اليهود في الفطر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم: "لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ،
[عَجِّلُوا الْفِطْرَ]؛ فَإِنَّ الْيَهُودَ يُوَخِّرُونَ" ([1])
مخالفة اليهود في السحور و هوية الأمة في رمضان:
ومن ذلك: ما جاء في الترغيب بتناول أكلة السحور كثيرا في
السنة النبوية، ومن جملة مقاصد ذلك مخالفة اليهود ففي صحيح مسلم عن عمرو بن العاص،
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فَصْلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب،
أكلةُ السحر».([2])
قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى-في شرح
مسلم: معناه الفارق والمميّز بين صيامنا وصيامهم السحور، فإنهم لا يتسحّرون، ونحن
يستحبّ لنا أن نتسحّر. ([3])
قال القرطبي في المفهم: هذا الحديث يدل
على أن السحور من خصائص هذه الأمة ومما خفف به عنهم أكلة السحر. ([4])
وتعبير النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة
"فصل" تدل على أن المفاصلة في العبادات وشعائر الدين مقصود شرعا، قال
ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وفيه دليل على أن الفصل بين العبادتين أمر مقصود
للشارع. ([5])
ومن ذلك: النهي عن تخصيص يوم الجمعة
بالصيام، وقد قيل: إن علة النهي هي ترك موافقة اليهود في يوم واحد من بين أيام
الأسبوع، فاليهود عظمت السبت، فلا تعظموا أنتم الجمعة خاصة بصيام وقيام.
ومن ذلك: النهي عن تخصيص
يوم السبت بالصوم، فعن عبد الله بن بُسْرٍ، عن أُختِهِ
الصمَّاءِ، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يومَ السبتِ إلا
فيما افتُرضَ عليكُم، فإِنْ لم يجِد أحدُكم إِلاَّ لحاءَ عِنَبَةٍ، أو عودَ شجرةٍ
فليمضغهُ» رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، والدارمي. ([6])
رابعا: رمضان وهوية
الأمة بالتكافل والتراحم بين أبناء الأمة:
إخوة الإسلام إن شهر رمضان هو شهر وحدة الأحاسيس
والمشاعر والعواطف لتصبح الأمة كالجسد الواحد:
في شهر رمضان، تتجلى قيم التراحم
والتكافل الاجتماعي في أبهى صورها، تتجلى هوية الأمة حيث يصبح القلب أكثر ليناً والروح أكثر قربًا من
معاناة الآخرين. هذا الشهر الكريم يزرع فينا إحساساً عميقاً بالآخر. وتتجلى هذه
القيم في:
الشعور بمعاناة الآخرين: الصيام
يُذكرنا بأن هناك من يعاني الجوع طوال العام، مما يزرع في قلوبنا الرحمة والإحساس
بالمسؤولية تجاههم.
العطاء بلا مقابل: من خلال الصدقات
وزكاة الفطر، يتحقق أسمى معاني الإحسان، حيث يعطي الإنسان مما يحب دون انتظار مقابل.
التواصل الاجتماعي: موائد الإفطار
الجماعية وتبادل الزيارات تجعل من رمضان فرصة ذهبية لتقوية العلاقات الاجتماعية.
العمل الجماعي: رمضان يُبرز أجمل صور
التعاون عبر المبادرات التطوعية التي تعكس روح التآزر بين أفراد المجتمع.
لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أجود
الناس في رمضان وغير رمضان، أخرج البخاري من عن عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ
يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ
الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ
الْمُرْسَلَةِ.([7])
ولقد حثنا النبي –
صلى الله عليه وسلم-على إفطار الصائمين ورتب على ذلك الأجر والثواب من الكريم
الوهاب عن زيد بن خالد الجهني قال: قال صلى الله عليه وسلم: " مَن فطَّر صائماً
كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء " ([8]).
واشتهى بعض الصالحين من السلف طعاماً
وكان صائماً فوضع بين يديه عند فطوره فسمع سائلاً يقول: من يقرض الملي الوفي
الغني؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات، فقام فأخذ الصحفة فخرج بها إليه وبات
طاوياً. وجاء سائل إلى الإمام أحمد فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره، ثم طوى
وأصبح صائماً. وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوعاً، ويجلس يروِّحهم وهم
يأكلون. وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلواء وغيرها وهو
صائم([9]).
وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام
وهو صائم ويجلس بخدمهم ويروّحهم… منهم الحسن وابن المبارك.
قال أبو السوار العدوي: ( كان رجال من
بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد من يأكل
معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه ). ([10])
وقد قال بعض السلف: لأن أدعو عشرة من
أصحابي فأطعمهم طعاماً يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل .
يقول يونس بن يزيد: كان ابن شهاب -
الزهري - إذا دخل رمضان؛ - قال:- (فإنما هو تلاوة القرآن، وإطعام الطعام).
وكان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر
رمضان خمسَ مائةِ إنسانٍ، - طيلة شهر رمضان هو مسئول عنهم وعن تفطيرهم - وإنه كان
يعطيهم بعد العيد لكلِّ واحدٍ - منهم - مائة درهم.
أقول قولي هذا و استغفر الله العظيم لي
ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
أما بعد:
......................................
خامسا: رمضان وهوية
الأمة: أمة عزيزة منتصرة لا تعرف الانهزامية:
أمة العزة والإباء: رمضان شهر انتصارات
المسلمين في معاركهم الحاسمة وذلك على مدار التاريخ ....تلك الانتصارات التي أثبتت
للامة الإسلامية مكانتها ،و حافظت على هويتها أول حلقة في سلسلة الانتصارات الرمضانية، وأول
معركة وقعت بين المسلمين والمشركين، معركة الفرقان بين الحق والباطل، هي غزوة بدر
الكبرى، التي وقعت بالقرب من ماء بدر، صبيحة يوم الجمعة 17 رمضان 2هـ (13 مارس
624م). ورغم قلة عدد المسلمين مقابل المشركين، فقد كان النصر حليفًا لهم، وخرج
المسلمون من هذه الموقعة بكثير من المغانم. وقد قال الله تعالى في شأنها:
{وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (آل عمران: 123).
وفي رمضان كان الفتح الأعظم لأعظم بقعة
خلقها الله تعالى على يدي اعظم مخلوق و افضل موجود – صلى الله عليه وسلم- كان فتح
مكة ،فبعد ستة أعوام من الحلقة الرمضانية الأولى، والانتصار الرمضاني الأول، كانت
الحلقة الثانية، وهي فتح مكة، بقيادة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ، فبعد أن غدرت
قريش ونكثت العهد الذي أبرمته في صلح الحديبية بمساعدتها قبيلة بكر على قبيلة
خزاعة حليفة المسلمين كان لابد من نجدة خزاعة وإذلال الشرك والمشركين في العام
الذي سُمي بعام الفتح.
وفي 8 رمضان 9هـ (18 ديسمبر 630م) كانت
غزوة تبوك أو العسرة على حدود الأراضي البيزنطية، وهناك أعلنت القبائل العربية
خضوعها للمسلمين، واكتفى الرسول الخاتم ص بذلك، ولم يتوغل المسلمون في أراضي
الدولة البيزنطية، وقد ترتب على هذه الموقعة اتساع رقعة الدولة الإسلامية لدرجة
أنها عمت كل أرجاء بلاد العرب.
أما أبرز المعارك التي انتصر فيها
المسلمون إبان عصر الخلفاء الراشدين، فهي معركة القادسية، على الضفة الغربية لنهر
الفرات، التي وقعت في شعبان واستمرت إلى رمضان 16هـ (637م) بين المسلمين والفرس........................ ثم كانت المعركة التي أنقذت الإسلام والمسلمين،
المعركة التي قامت أمة الإسلام بعدها من غفلتها واختلافها، وقامت تحت قيادة واحدة،
هذه المعركة هي معركة عين جالوت في 25 رمضان 658هـ (3 سبتمبر 1260م) واحدة من أكثر
المعارك حسمًا في التاريخ، أنقذت العالم الإسلامي من خطر داهم لم يواجه بمثله من
قبل، وأنقذت حضارته من الضياع والانهيار، وحمت العالم الأوروبي أيضًا من شر لم يكن
لأحد من ملوك أوروبا وقتئذ أن يدفعه.
وفي 10 رمضان 1363هـ (6 أكتوبر 1973م)،
عبر الجيش المصري قناة السويس وحطم خط بارليف وألحق الهزيمة بالقوات الصهيونية، في
يوم من أيام العرب الخالدة التي سطرها التاريخ في أنصع صفحاته بأحرف من نور؛ ففي
هذا اليوم وقف التاريخ يسجل مواقف أبطال حرب أكتوبر الذين تدفقوا كالسيل العرم
يستردون أرضهم، ويستعيدون كرامتهم ومجدهم؛ فهم الذين دافعوا عن أرضهم وكافحوا في
سبيل تطهيرها وإعزازها، فضربوا بدمائهم وحفظوا لأنفسهم ذكرًا حسنًا لا ينقطع،
وأثرًا مجيدًا لا يمحى، هؤلاء الأبطال الذين خشعت لذكرهم الأصوات، وأجمعت على
فضلهم القلوب، لأنهم قضوا نحبهم لحفظ مجد مغتصب، ولطلب حق مسلوب، ذلك اليوم المجيد
من أيام التجلي الأعظم، وقف الله فيه مع جنوده المخلصين يشد أزرهم، ويقوي عزائمهم،
ويثبت أقدامهم، ويرد كيد عدوهم، ويقذف فيه بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.
إخوة الإسلام من خلال تلك الانتصارات
التي سطرت مشاهد العزة ومشاهد التضحية ومشاهد الفداء ينبغي على الأمة أن تعتصم
بكتاب ربها وسنة نبيها وأن تعمل على الحفاظ عليها وإعادة مجدها .................
[1] - أخرجه ابن ماجه (1/542، رقم 1698) . قال البوصيرى (2/71) : هذا إسناد
صحيح رجاله ثقات.
[2] - أخرجه: مسلم "حديث رقم 1096"، وأحمد "4/ 202"،
وأبو داود رقم "2343" كتاب الصوم، باب: توكيد السحور،
[3] - «صحيح مسلم» (2/ 771 ت عبد الباقي)
[4] - «البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج» (20/ 556)
[5] - «فيض القدير» (4/ 430)
[6] - "مسند أحمد" (17686)، و"صحيح ابن حبان" (3615).وأخرجه
أبو داود (2421)، وابن ماجه بإثر الحديث (1726)، والنسائي في "الكبرى"
(2760) و (2762)
[7] - أخرجه أحمد 1/230(2042) والبخاري"
1/4(6) و4/229(3554).
[8] - رواه الترمذي (807) وابن ماجه (1746).
وصححه ابن حبان (8 / 216) والألباني في " صحيح الجامع " (6415).
[9] - لطائف المعارف (188-189).
[10] - الكرم والجود وسخاء النفوس - البرجلاني
(ص: 53)
تعليقات
إرسال تعليق